تدور الأمهات في حلقة مفرغة بأولادهن بين المذاكرة والدروس الخصوصية أثناء السنة الدراسية‏..‏ و دروس موسيقي أو كاراتيه أو سباحة وغيرها من الأنشطة خلال العطلة الصيفية‏.

وتظل تدور في هذه الحلقة مصطحبة أولادها ظنا منها أن ذلك في مصلحتهم وأنه يجب ان يظلوا مشغولين حتي لا ينحرفوا عن الطريق السوي وهناك نوع آخر من الأمهات يحرصن علي شغل أوقات الفراغ لدي الأبناء لانشغالهن سواء بالعمل أو بالتزامات أخري مما يجعل الأبناء تحت ضغط عصبي وجسماني وذهني طوال الوقت, وهذا هو ما يرفضه د.الحسين عبد المنعم أستاذ علم النفس ووكيل كلية الآداب بجامعة القاهرة موضحا أن هذا الضغط المستمر علي الأبناء خطأ شديد يقع فيه الأبوان بدواعي الخوف والحب والرعاية, والذي قد يبدو في الظاهر شيئا جميلا ولكنه في الباطن له مخاطر كثيرة ومشاكل في المستقبل حيث تؤدي هذه المبالغة في الممارسة إلي النفور من جانب الأبناء. ولابد علي الأبوين أن يراعوا الفروق الفردية التي تختلف من طفل لآخر من حيث مستوي الذكاء والاستعداد الجسماني والميول وغيرها من الفروق التي تحدد مدي نجاح أو فشل الطفل في النشاط, لذلك لابد من التوقف عن إملاء رغبات وتطلعات الأهل علي الطفل, ولا يمكن تحدي الإمكانات الجسدية للأبناء.

كما يؤكد أهمية مخاطبة الطفل عقلانيا وعدم اجباره علي ممارسة شئ لا يرغبه, والفرق كبير جدا بين الطريقتين, فمنهج الإقناع- في التربية- يشعر الطفل أن له قيمة ويمرنه علي الاعتماد علي النفس واتخاذ القرار والذي يعتبر أهم الأسلحة لمواجهة المستقبل القريب والبعيد. وإذا لم يقتنع بالأمر أو المهمة المطلوبة منه فلا يجوز علي الإطلاق الاستمرار فيها رغما عنه. ومن المفيد أيضا- كما يوضح د.الحسين- تدريب الطفل علي قيمة الوقت من خلال إعداد جدول زمني يساعده علي الاعتماد علي النفس وتحمل المسئولية ويتضمن أيضا وقت فراغ يشغله بمعرفته, مع الرقابة عن بعد أو ما نطلق عليه الرقابة الحانية وهو مبدأ مهم جدا في تربية الأبناء ويشبهه بالقطة التي تأكل أولادها بسبب الخوف عليهم, فالأم هنا تقلل من مناعة الأبن في مواجهة مشكلات الحياة التي سيتعرض لها في الكبر من خلال التعامل مع الآخرين.

كما يشير د.الحسين إلي ضرورة إتاحة الفرصة للطفل للتعامل مع الآخرين من خلال تجارب عملية أمام أعين الأبوين حيث تكسبه هذه التجارب حصانة في المستقبل تمكنه من التعامل مع كل أنواع البشر وهو ما يعاني منه الأبناء الذين يعيشون في الخارج في طفولتهم عندما يكونون منغلقين. فلابد أن يتعلم كيف يتعامل مع صديق وكيف يقاوم إغراءات صديق والاستقلال عن الآخرين والصلابة النفسية ومحاولة إثبات الذات, وكل ذلك في ظل بيئة بعيدة كل البعد عن الضغط النفسي والجسماني والذهني, وهو ما يؤكده كل التربويين ويحذرون من أمية الأمهات في أساليب التنشئة السليمة.

ويؤكد من جهة أخري ضرورة التنويع في الأنشطة بين ما هو ثقافي معرفي وما هو بدني جسماني وما هو ترفيهي, وفي نفس الوقت لابد من ترك وقت حر للطفل يفعل فيه ما يشاء لأن معظم الإبداعات عند الأطفال تظهر في أوقات الفراغ حينما نجده ينشغل بشيء, ولكن بالنسبة للجلوس علي الإنترنت فيجب أن تحدد بأوقات معينة مع رقابة من بعيد والتوجيه في حالة إطلاعه علي مواقع غير مناسبة ولكن بأسلوب هادئ ومتزن.