شبيك لبيك حلمك بين إيديك تطلب إيه... مزرعة عندى... حيوانات موجود... ثمار تلاقى... مساجد وبيوت قديمة وحديثة وأدوات زينة تحت أمرك... جيران وأصدقاء جدد طبعا شىء ضرورى ... بحيرات لتفادى حر الصيف... أهرامات للسياحة أكيد... والثمن وقتك وتعاونك وتركيز وقدرة على الصبر وطموح وتحديد خطواتك.

بالطبع هذا ليس إعلانًا عن مكان سياحى سعره يتعدى الملايين، لكنها لعبة المزرعة السعيدة التى ضمت أكثر من 6 ملايين مشترك حول العالم منذ إنشائها عام 2011، لتكون أكثر من مجرد لعبة بل عالمًا يكونه صاحبه بملء إرادته والثمن أكاونت مجانى على "الفيس بوك" بعيدا عن المهاترات السياسية التى لا جدوى فيها سوى مزيد من الحيرة وقتل الحلم.

حول مدى تأثير المزرعة على صاحبها يقول محمد زكريا، مدرب التنمية البشرية، لكل شىء جوانب إيجابية وأخرى سلبية، و"المزرعة السعيدة" بمثابة سلم للتعارف الاجتماعى وفتح مجالات جديدة فى المخ البشرى مهما صغر أو كبر عمره، وبما أننا شعب يجيد الانفصال عن أرض الواقع باللجوء للنكت والكوميديا، فقد انتشرت هذه اللعبة كأداة للبحث عن حلم وهدف جديد.

ولتكون لعبة إيجابية لابد لصاحبها أن ينتقل بها من فكرة الاستبدال إلى الاستخدام، فالمطلوب أن يطبق مبادئ وقوانين اللعبة فى علاقاته الواقعية لتنمية الجوانب العاطفية والعقلية للجميع، وأول هذه المبادئ أن يعطى كما يأخذ ويساعد الآخرين، ويطلب منهم المساعدة، والإيمان بروح العمل كفريق ويساعد جيرانه فى تسميد أرضهم، وينصحهم بتجربته عن الآلات المدرة للربح من غير المفيدة، وأن يصبر على تكبير مزرعته.

والاستفادة من تجارب الآخرين، بحيث يسأل ويستشير جيرانه ويستفيد من خبراتهم ويعرض عليهم خبراته، وتكون مساحة جيدة للحوار واحترام ذوق الآخرين وآرائهم واختياراتهم.

وتدريب جميع الفئات العمرية على التفكير بأسلوب عملى وتجارى كأن يشترى المشترك المعدات التى تدر عليه الربح، وكذلك بالنسبة للثمار، حيث تعلم الأطفال الجمع والطرح بأسلوب شيق ومحبب لديهم.

ويضيف "زكريا": حتى هواة التنسيق فتمكنهم هذه اللعبة من استغلال المساحة المتاحة لهم مهما كانت صغيرة فى إبراز قدراتهم على ترتيب مقتنياتهم وتصويرها وإرسالها لأصدقائهم كنوع من أنواع إثبات الذات، وفى كل مرة يوسعون فيها المزرعة يغيرون معها توزيع مقتنياتهم كنوع من تفريغ طاقتهم الكامنه وإبراز مواهبهم.

وتابع: "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك" هذا واحد من أهم الأمثال المطبقة بشكل عملى فى لعبة المزرعة السعيدة، فاللاعب يدخل كل صباح ليحصد ما زرعه فى الليل، وبعد الحصاد يزرع ليستغل الوقت، ثم يطعم الحيوانات ويصنع المنتجات، وهنا يتعلم الصغار حساب الوقت فهناك مزروعات تنضج بعد ساعتين مثلا فيزرعها أولا ليستفيد منها لأنه سيجلس حوالى ثلاث ساعات فقط، ثم يزرع ثمارا جديدة ليتمكن من حصادها فى المرة القادمة.

واستكمل: أما إذا استبدل صاحب المزرعة العالم الواقعى الذى يحيى به واستغنى بها عن العلاقات الإنسانية الحقيقية، واعتمد على الأخذ والطلب من أصدقائه دون العطاء، وجلس ليل نهار أمام حلمه الأخضر ينتظر بدون صبر، فهنا تقع المشكلة وتكون مجرد مضيعة للوقت والجهد.