البحث عن وزير

بقلم محمد أمين
١٧/ ٢/ ٢٠١١

ليس شرطاً أن يكون وزير الداخلية لواء شرطة.. وليس شرطاً أن يكون وزير الزراعة مهندساً زراعياً.. وليس شرطاً أن يكون وزير المالية محاسباً.. هكذا كانت الوزارات قبل الثورة.. وهكذا كان الوزير سياسياً، قبل أن يكون على رأس وزارة.. وعندما كانت الدولة مدنية، لا تميز بين مصطفى ومكرم، ولا بين محمد وحنا.. كان الدين لله والوطن للجميع!!

الآن نتجه إلى فكرة الوزير المدنى.. على رأس وزارة الداخلية.. نبحث عن فكرة «الوزير السياسى»، وليس لواء أمن الدولة.. الذى جعل الوزارة فى خدمة النظام، أكثر منها فى خدمة الشعب.. والذى كان يعلى من فكرة أمن الحاكم، على حساب أمن المواطن.. وأظن أن المصريين اندهشوا من تعيين محمود وجدى وزيراً للداخلية، لأنه ترك الخدمة عدة سنوات وارتدى البيجاما!

هناك حق فى دهشة البعض.. لأن «وجدى» جاء من البيت «وزيراً».. تذكر الكل بمن فيهم ضباط الداخلية أنه كان مُطارداً من «العادلى».. وتذكروا أن وراء تعيينه صديقه د. زكريا عزمى.. لكن أحداً لم يخطر على باله أن الوزير الجديد هو المقدمة لفكرة «الوزير المدنى».. وهو همزة وصل بين «الوزير الفنى» و«الوزير السياسى».. خاصة أنه يعرف العمل الشرطى، وتدرج فيه إلى رتبة مساعد أول وزير الداخلية!!

ربما نعود من جديد إلى الدولة المدنية سريعاً.. وربما نعود إلى الوزير السياسى مرة أخرى.. فقد كان فؤاد باشا سراج الدين وزيراً للداخلية، ولم يكن لواء شرطة.. وكان وزيراً للمالية ولم يكن محاسباً، وكان وزيراً للزراعة ولم يكن مهندساً زراعياً.. فقط كان يفهم سياسة، ويعرف كيف يضع الخطوط العريضة، ثم يترك التفاصيل إلى مساعديه.. وهنا لابد أن يكون نواب الوزير ومساعدوه من المتخصصين فى شؤون الوزارة!

وأتصور أن «الوزير السياسى» سوف يأتى مع الوقت.. وسيكون هو الأساس.. إذا كنا نقدر قيمة الانتخابات، من أول اتحاد الطلاب.. حتى العمدة فى القرية.. إلى العميد فى الجامعة.. وهنا ستكون فى المجتمع ثقافة جديدة.. هى ثقافة الانتخابات.. وقد بدأت بالفعل، حين دعا مجلس الوزراء إلى إجراء الانتخابات فى كل إدارة، للوصول إلى المدير المنتخب من الجمعية العمومية.. قد نتعثر فى البداية، لكننا فى النهاية سنختار الأكفأ، وسوف نختار الرجل المناسب!

جميل أن نبدأ بسرعة.. وجميل أن نستثمر روح ٢٥ يناير.. وجميل أن يتحرك الجهاز البيروقراطى العريق فى اتجاه الإصلاح.. والأجمل منه أن نبدأ بخطى ثابتة، حتى يصبح كل ذلك عقيدة، وثقافة مجتمعية.. وقد سعدت لأن مركز المعلومات «الحكومى» قرر إجراء الانتخابات على مقاعد رؤساء الإدارات، من خلال الاقتراع السرى المباشر.. وقيل إن تقييم الأداء سيحدث كل ٦ أشهر.. وسيكون نموذجاً يمتد إلى انتخاب المحافظين.. ورؤساء الجامعات.. وهى خطوة جيدة لتفريخ السياسيين.. سواء كانوا محافظين أو وزراء!

مصر تسترد مكانتها بسرعة.. والمصريون يستردون الوطن.. يحلمون بمصر الجميلة.. مصر الجديدة.. مصر التى كانت فى خاطرهم.. ليست مصر التى تزوّر الانتخابات، ولا مصر التى تعيش بالرشوة والمحسوبية والواسطة.. وكان الشباب يعرف طريقه، حين عاد من الثورة، يقول: لا رشوة.. لا واسطة.. لا محسوبية.. البلد بلدنا.. ومصر للمصريين!

المهم أن نسترجع ثقتنا فى أنفسنا.. المهم أن نعلى من قيمة ثقافة الاختلاف، وقبول الآخر.. ونعلى من قيمة ثقافة الانتخاب.. من أول العمدة إلى العميد.. إلى رئيس الجامعة والمحافظ.. وسوف يحدث كل ذلك فى ظل دولة برلمانية مدنية.. نسعى إليها ويحميها الجيش.. عندها سيكون عندنا ألف وزير سياسى يعرف أنه خادم الشعب أولاً!

تسلم ايدك على المجهود والاهتمام