مقدمة
إن العلاج الغذائى السليم هو طب المستقبل إن طبيب المستقبل لن يقوم بإعطاء الدواء لكنه سيثير انتباه المريض حول ضرورة العناية بالجسم و النظام الغذائى و سبب المرض وكيفية الوقاية منه .إن فكرة التغذية المثلى هى الخطوة العظمى المتقدمة فى الطب خلال العصر الحالى , و فى حال تطبيقها منذ سن مبكر , فهى تشكل ضمانا لحياة مديدة و صحية .

الصحة.... هى الطموح
لاتعنى الصحة مجرد غياب المرض وإنما وفرة الحيوية , و تسمى الصحة الإيجابية
و التى يمكن قياسها بالآتى :
* الأداء اليومى
* غياب المرض
* العمر المديد مع دوام الصحة

إنه بواسطة التغذية المناسبة و أداء التمارين و العيش فى مناخ و ظروف ملائمة مع الرغبة بتغيير الاعتقادات البالية والأنماط السلوكية التى تخلق التوتر والضغط النفسى سنتخلص من معظم الأمراض دون الحاجة إلى الدواء أو العمليات الجراحية .لقد ولد كل منا بنسب متفاوتة من القوة و الضعف , فبعضنا لديه ما يسمى بالجينات الجيدة أو يأتى من أصل جيد و ليس لبعضنا الآخر .فعلى أساس هذا المفهوم الجديد تصبح صحتنا نتيجة التفاعل بين القدرة التكيفية الموروثة و ظروفنا .

ماذا تعنى التغذية المثلى ؟
Nutrient تعنى التغذية المثلى ببساطة الحصول على المغذيات
التى تجعل جسمك صحيا مما يؤهله للقيام بوظائفه بشكل جيد
إن حاجاتنا الغذائية ليست بالضرورة متطابقة, فغذاء أحدنا قد لا يكون مثاليا لأى شخص بالرغم من وجود خطوط مشتركة تطبق علينا جميعا ,

فغذاؤك الأمثل هو ذلك الغذاء الذى:
- يعزز أداؤك الفعلى الأمثل و توازنك العاطفى.
- يعمل على تنشيط أداؤك الجسمانى المناسب
- ليس له علاقة بالإصابة بالأمراض
- يرتبط بطول العمر و دوام الصحة .
لقد عرفت حتى الآن خمسون مادة مغذية ضرورية للصحة , وهى تعمل عند أخذها يوميا و بكمية مناسبة على تنشيط و إدامة الصحة , وبهذا تعمل تدريجيا على إعادة بناء و بعث الحياة فى كامل جسمك .

عند تناول التغذية المثلى تتمكن من :
- تحسين القدرة على الصفاء العقلى والتركيز
- زيادة معدل الذكاء
- زيادة الأداء الجسمى
- تحسن نوعية النوم
- تحسن مقاومة الجسم للأمراض
- زيادة مدة الحياة الصحية

من أهم المواد المغذية الخمسون:
الدهون / الأحماض الأمينية /المعادن أهمها الكالسيوم, الماغنسيوم, الحديد الزنك, السيلينيوم / و الفيتامينات ب مركب, حمض الفوليك و فيتامين أ، د، هـ جـ, بالأضافة الى الكربوهيدرات, الألياف, الضوء, الأوكسجين, الماء . ان علماء التغذية اليوم سوف يصبحوا أطباء الغد ما لم يتحول أطباء اليوم الى علماء تغذية.

أكتشف تغذيتك المثلى
يمكن تقدير مستوى تغذيتك المثلى باستخدام ثلاثة طرق
1- تحليل الأعراض ( فقدان الطاقة / التهابات الفم/ التشنج العضلى / ضعف القدرة على تذكر الأحلام )
2- تحليل أسلوب الحياة ( مستوى ما تؤديه من تمارين رياضية / التوتر / التلوث)
3- تحليل الوجبات الغذائية : مع الأخذ فى الاعتبار مضادات المغذيات

التغذية و التطور
إن الجسم البشرى هو حصيلة ملايين السنين من التطور فى بيئات و ظروف غذائية مختلفة.مثلا , فيتامين جـ, من المعروف أن معظم الحيوانات عدا (الخنازير و الخفافيش و طير البلبل) و الإنسان تصنعه فى أجسامها و ليست بحاجة اليه عن طريق الغذاء. و لقد وجد أن هذه الأنواع التى تنتج فيتامين ج لديها وقاية من السرطان و الأمراض الفيروسية.و لقد افترض أننا فقدنا قابليتنا الأصلية فى تصنيع هذا الفيتامين من خلال تناولنا الفاكهة و الأغذية الغنية به .

تغلب على العادة وعد للطبيعة
عندما تهب سريعا على صوت المنبه فى الصباح و تنطلق كالآلة لتحضر فنجان القهوة أو السيجارة فانك تكون قد تعيش خارج خارج حدود تصميمك الطبيعى, و النتيجة قد تكون ضعف فى التركيز , أرق , تفاوت فى المزاج, وزن غير متناسق , شعور بالإرهاق و التوتر .لم يمتلك أسلافنا ساعات منبه , فعندما تدخل خيوط الفجر فى العيون , يفرز هرمون الأدرينالين الذى يقوم بإيقاظنا طبيعيا و نحن نشيطون منتعشون عكس ما يحدث لنا الآن . فبدل أن نتيح لأجسامنا أن تستفيق طبيعيا فأننا نملؤها بالمنبهات كالكافيين و النيكوتين و النتيجة زيادة تحميل الأدرينالين فى الجسم .صحيح أنك تفيق لكن الجسم يبقى يجاهد لإنتاج الهرمونات المهمة كالإنسولين و الجلوكاجون ليعيد استقرار مستويات السكر المتدفقة فى الدم . و عليه دع الضوء يدخل حياتك و استيقظ مبكرا إذا اردت أن تتمتع بطاقة أوفر.

أكل أم التهام
نحن لم نصمم لكى نأكل حالما نستيقظ عندما يكون الجسم لا يزال نائما فمن المستحسن أن نأكل بعد أن نتسيقظ تماما, أى بعد ساعة من الاستيقاظ.ان الجسم يعمل أفضل عندما يقتصر الأفطار على الفاكهة و الحبوب بدلا من البروتينات المطبوخة .ان جميع الوجبات يجب أن تكون خفيفة , فقد صممت أجسامنا لكى نأكل بتعقل لا أن نلتهم الطعام , فالوجبات الكبيرة تكون صعبة الهضم و تسبب عسر الهضم و النعاس , لقد كان أجدادنا يأكلون عندما يجوعون و ليس فى أوقات محددة. إن التزود بالفاكهة الطازجة بين الوجبات الصغيرة يساعد فى جعل مستوى السكر فى الدم متوازنا ليزودنا بالطاقة المستمرة مع وفرة فى المزاج والتركيز .أما الحركة فهى منظم آخر مهم للشهية , فذوو الحياة الخاملة يتصفون بشهية ضعيفة و يحتاجون بذلك الى غذاء فيه سعرات حرارية أكثر مقارنة بمن يعيشون حياة نشطة . فالنشاط الحركى الجسمانى أساسيا فى موازنة الشهية مع حاجات الجسم المختلفة .

ضد الحبوب
لقد تغيرت أنماط غذاء الإنسان المعاصر تماما , و تبعا لذلك تغير نوع الغذاء. إننا تعلمنا أن نخالف الطبيعة و نفضل الحلو و السكر من الغذاء أو اختيار غذاء بتركيز عال من السكر كالعصير و الفاكهة المجففة و العسل وهى مأكولات زائدة الحلاوة تفوق قدرة الجسم على التعامل معها .لم يتناول أسلافنا الأوائل منتجات الألبان أو الحبوب , و يعتقد بعض العلماء بأننا لم نتعود احتمالها حتى الآن على عكس المجترات من الحيوانات , و لعل هذا يفسر سبب سعة انتشار الحساسية للحبوب.

نىء أو مطبوخ
لقد أكتشف البشر الحرارة منذ 400 الف سنة وقبلها كان الغذاء يؤكل نيئا.يغير الطبخ بالحرارة الجزيئات فى الغذاء و يدمر عدد كبير من المغذيات الحيوية و الإنزيمات التى تحلل الغذاء الى مركبات أبسط يمكن استخدامها من قبل الجسم .. فالغذاء الطبيعى هو ذلك الغذاء الذى يحوى فى الأغلب على غذاء نىء أو مطبوخ قليلا.يحتاج الغذاء النىء الى مضغ أكثر و الذى لا يعمل فقط على تفكيك الغذاء ومزجه مع الإنزيمات الهاضمة فى الفم وإنما يرسل الإشارات الى القناة الهضمية لتحضير الخليط الملائم من الإنزيمات الهاضمة اعتمادا على ما هو موجود فى الفم . ومعظم الغذاء سريع التحضير ( فاست فود) هو غذاء هش يحتاج إلى أقل مضغ ممكن و بالنتيجة أصبح فكا الإنسان المعاصر أصغر من فكى أسلافه.

الغذاء التطورى
إن الإنسان العصرى يحفر قبره بشوكة و سكين باستخدامه الأغذية الغنية بالسكر
و الدهون المعالجة بعمليات صناعية متعاقبة .

نصائح تهمك :
- أصح مبكرا فى الصيف و متأخرا فى الشتاء تماشيا مع ساعات الضوء النهارى و لا تأكل متأخرا فى الليل أو بعد أن تصحو من النوم مباشرة .
- كل عندما تجوع و ليس حسب العادة . كل و لا تلتهم . كل قليلا و مرارا مع وافر من الفاكهة بين هذه الوجبات الصغيرة.
- اقتصر فى طعامك على الأكل النباتى على أن يكون نصف ما تأكله من الفاكهة و الخضار و البندق و الحبوب . و اذا ما تناولت اللحوم تجنب تلك المطهوة كثيرا و اختر الأسماك بدل اللحوم الحمراء و تناولها فقط مع الخضار .
- تناول الأغذية طازجة نيئة و غير مصنعة قدر الأمكان و تجنب الكيماويات .
- تجنب الأغذية المركزة بالسكر , خفف عصير الفاكهة و اشرب الكثير من الماء.
- خفف ما تتناوله من منتجات الألبان و الحنطة و الحبوب المصقولة.
- مارس الرياضة و حافظ على نشاطك.

أنت متفرد
ليس كل انسان يشبه الآخر , فمثلا نحن جميعا نحتاج الى الفيتامينات إلا أن مقدار ما نحتاجه منها يختلف من شخص الى آخر, معتمدا على عوامل الوراثة وتفاعلها مع البيئة ... يسمى هذا المبدأ التفرد الكيميائى الحيوى و كيف تختلف أحجام أعضاء كل منا و كيف نمتلك مستويات مختلفة من الإنزيمات و حاجات مختلفة للبروتين و الفيتامينات و المعادن .لقد ظهر أن مستوى فيتامين (أ) فى دماء الأفراد يبقى ثابتا و مستقرا بالرغم من أنه يختلف بالكمية من شخص الى آخر , وهذا يشير الى الحاجة الكبيرة لهذا الفيتامين بين أفراد الجنس البشرى .يعانى بعضنا من صعوبة فى هضم البروتينات أو الدهون أو من حاجة أكثر لفيتامين معين لا نحصل عليه من الغذاء العادى, فمثلا وجد أن مرضى الفصام يتحسنون عند أخذ 1000 مجم أو أكثرمن فيتامين ب3 يوميا أى مائة مرة أكثر من المعدل الطبيعى للشخص العادى. يعانى واحد من كل عشرة من الناس من الحساسية , و دائما ما يكون الغذاء العامل المشترك لأعراض الحساسية أى ان غذاء رجل هو سم لآخر. ولا تحدث معظم الأعراض عادة فورا بعد تناول الغذاء الضار بل تتسلل الى الجسم تدريجيا , و قد تكمن لسنوات دون أن تعرف ذلك الغذاء غير ملائم .

الأعراض المتصلة بالحساسية الغذائية :
الخوف / الربو / ألم المفاصل / الوهن المزمن / أمراض القولون / داء كرون / الاكتئاب / الإسهال / الإكزيما / الصداع / الأرق / اضطراب النوم.

نصائح تهمك:
- لاحظ بعد أى وجبة تشعر بعدها بالسوء , فتش عن الغذاء المشترك واستبعده لمدة أسبوعين ولاحظ الأعراض .
- ليس ما يتحمله الآخرون من غذاء ممكن أن يناسبك
- تحسس حاجتك الغذائية الذاتية ثم اتبعها - أبحث عن الأسلوب الملائم لك و كيف حياتك وفقا لذلك
- اذا كان فى عائلتك تاريخ لمشكلة صحية حاول أن تتجنبها
- استمع الى جسمك فهو الذى يقول لك أكثر من أى خبير

Synergism
التضامن
إن مبدأ التضامن مفهوم أساسى للتغذية المثلى , فبإمكانك الوصول الى نتائج أفضل بتناولك الأغذية المناسبة و مجموعات متآلفة من المغذيات و بجرعة أقل مما كنت تأخذه فى السابق , و بهذا تتجلى قوة التضامن الغذائى .

نصائح تهمك :
- ليس هنالك ما يعوض الغذاء الكامل
- تناول أغذية متنوعة و لا تختار مغذيا واحدا دون أن تأخذ معه بقية الفيتامينات و المعادن .
- لا تتناول نوع واحد من فيتامين (ب) دون أن تأخذ باقى المجموعة
- لا تتناول كميات كبيرة من أحد مضادات الأكسدة دون أن تأخذ باقى مضادات الأكسدة

مضادات المغذيات
لا تعنى التغذية المثلى ما تتناوله من الغذاء فقط , و إنما ما لا تتناوله أيضا. فمنذ عام 1950 وجدت أكثر من 3500 مادة غذائية مصنعة بالإضافة للمبيدات و المخلفات الهرمونية , و تعتبر هذه الكيماويات مواد مضادة Anti-nutrients للمغذيات وهذه المواد توقف امتصاص و استخدام المغذيات أو تسرع إخراجها. لذلك لا تكتمل الصحة إلا بتجنب الكيماويات الضارة . و لقد نتجت معظم الأمراض الحالية عن زيادة مضادات المغذيات . وهناك العديد من المشاكل الصحية سببها تراكم مضادات المغذيات بما يزيد عن قدرة الجسم بإزالتها مثل التهاب المفاصل و الإرهاق , و عندما يتجاوز حد هذه المواد خط دفاع الجسم تتراكم السموم (مثل المبيدات) فى الأنسجة الدهنية و تصبح العقاقير الشائعة و المسكنات سامة تدريجيا .إن أكثر من 40% من مبيدات الحشرات قد ثبت علاقتها بالسرطان ومرتبطة بتشوهات الجنين و العقم , كما أن التعرض للمبيدات يرتبط بالاكتئاب ووهن الذاكرة و تقلب المزاج و مرض باركنسون.أما الأغذية المهندسة وراثيا فلا يزال تأثيرها على النظام البيئى و صحة الإنسان غير متضحة المعالم حتى الآن .

هل تشرب ماء صالح للشرب ؟
ليس الماء أوكسجين و هيدروجين فقط , فالماء الطبيعى يحتوى على كميات من المعادن .ان مياه الينابيع تزودك بسدس حاجتك من الكالسيوم , و إن مياه الشرب المعبأة فى زجاجات ليست بالضرورة مياه ينابيع , كما أن المياه المعاملة صناعيا بالكاربون يستنزف محتواها من المعادن . لهذا نجد أن الناس الذين يستهلكون الكثير من المشروبات الكربونية تترقق عظامهم قياسا بالآخرين .

Free radicals
إن قلى الغذاء بالدهن ينتج ما يسمى بالجذور الحرةوهى كيماويات شديدة التفاعل تدمر الدهون الأساسية فى الغذاء و بإمكانها تدمير الخلايا و زيادة خطر الإصابة بالسرطان , و أمراض القلب والشيخوخة المبكرة , إضافة الى تدميرها الأغذية المهمة مثل فيتامين أ , هـ و هما يحميانا من هذه الجذور الحرة.

قلى الطعام
ان القلى بالزبدة ( دهون مشبعة) أو زيت الزيتون (زيت أحادى التشبع) يعتبر آمنا , كما أن القلى العميق أكثر سوءا. ان القلى لمدة دقيقتين يتبعه إضافة صلصة مائية ثم تغطية المقلاة لكى ينضج الغذاء بالبخار و بدرجات أقل بكثير من القلى العميق.و تعتبر طرق الشوى و الطبخ بالبخار و الغلى أو السلق أكثر أمنا من طريقة القلى باشكالها المختلفة . وللعلم إن زيادة مدة طبخ الغذاء بأى طريقة كانت تقلل من المحتوى للغذاء.

نصائح تهمك
- و الآن خير ما ينصح به أن تقلل من كميات الأغذية السائلة و الدهنية التى تباع بأغلفة أو علب بلاستيكية , و هذا يعنى أن الزجاجات أو العلب الزجاجية أكثر أمنا من البلاستيكية أو الكرتون , و أن العلب الورقية أضمن من البلاستيكية .أما البلاستيك الصلب فأقل خطرا . إذن احفظ الجبن مثلا فى حاوية زجاجية بدلا من لفها برقاقة بلاستيكية .
- أقتن فلتر ماء ثابت من النوع الجيد , و أحرص على تنظيف مرشحه دوريا.
- لا تقلى الطعام قليلا عميقا
- أشترى المشروبات المعبأة فى عبوات زجاجية وليس بلاستيكية أو كرتون.
- قلل الوقت الذى تقضيه فى زحمة المرور
- لا تحتسى الكحول و تجنب الأمكنة المفعمة بالدخان
- تجنب على قدر الإمكان العقاقير الطبية

الأستاذ الدكتور: على مؤنس
أستاذ الجهاز الهضمى والكبد كلية الطب جامعة عين شمس