سوءُ الخُلق و الحِرمان من بَِركة العِلمَ! فائِدةٌ؛
عسى ربّي أن ينفعَنا بها أخيّاتي.
،’
مُقتطفٌ من صَيد الخاطَر لابن الجوزيّ:
***********
العلاقةُ بين سوء
الخُلق و الحِرمان من بِركة العِلم
اعلم أنه لا يتكبر إلا
من استعظم نفسه ، ولا يستعظمها إلا وهو يعتقد لها صفة من صفات الكمال ،
وجماع
ذلك يرجع إلى كمال ديني أو دنيوي ، فالديني هو العلم والعمل ،
والدنيوي هوالنسب
والجمال والقوة والمال وكثرة الأنصار ،
فهذه سبعة أسباب
:
الأول : العلم ،وما أسرعالكبر إلى بعض العلماء
فلا يلبث أن يستشعر
في نفسه كمال العلم فيستعظم نفسه
ويستحقر الناس
ويستجهلهم ويستخدم من خالطه منهم .
وقد يرى نفسه عند الله تعالى أعلى وأفضل منهم فيخاف عليهم
أكثر مما يخاف على نفسه ،
ويرجو لنفسه أكثر مما يرجو لهم ، وسبب كبره بالعلم
أمران :
أحدهما : أن يكون اشتغاله بما يسمى علما وليس علما في الحقيقة ،
فإن
العلم الحقيقي ما يعرف به العبد ربه ونفسه وخطر أمره في لقاءالله والحجاب منه ،
وهذا يورث الخشية والتواضع دون الكبر ،
قال تعالى : (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطر : 28]
.
ثانيهما :
أن يخوض في العلم ، وهو خبيث الدخلة رديءالنفس سيئ الأخلاق
،
فإنه لم يشتغل أولا بتهذيب نفسه وتزكية قلبه بأنواع المجاهدات فبقي خبيث
الجوهر ،
فإذا خاض في العلم صادف العلم من قلبه منزلا خبيثا فلم يطب ثمره ولم
يظهر في الخير أثره ،
وقد ضرب «وهب» لهذا
مثلاً؛
فقال : العلم كالغيث ينزل من السماء حلواً صافياً فتشربه الأشجار بعروقها
فتحوله على قدر طعومها فيزداد المر مرارة والحلو حلاوة ،
فكذلك العلم يحفظه الرجال فتحوله على قدر هممها وأهوائها ،
فيزيد المتكبر كبرا والمتواضع تواضعا ،وهذا ؛
لأن من
كانت همته الكبر هو جاهل فإذا حفظ العلم وجد ما يتكبر به فازداد كبراً ،
وإذا
كان الرجل خائفا مع علمه فازداد علما علم أن الحجة قدتأكدت عليه فيزداد خوفاً
.
********************************
حفظكم ربّي
ورعاكم.