Dalal صاحبة المنتدى
تاريخ التسجيل : 08/01/2011 عدد المساهمات : 10987 نقاط : 24782 الابراج : المزاج : مهمومة ببلدي العمر : 68 تعاليق : ربّـــــي اغفر لـي ولوالـديّ
وارحمهما كمــا ربيـــــانـي
صـــغيرا واجزهمــــــــــــا
بالاحســان احســـــــــــــانا
وبالسيئات عفوا وغفـــرانا رسالة sms : الموقع : قلب أمي مصر دعاء : اوسمتي :
| موضوع: 52 + 25 =؟ الثلاثاء 11 ديسمبر 2012, 1:36 am | |
| 52 + 25 =؟ معتز بالله عبد الفتاح
أى محاولة لفهم طلاسم المشهد السياسى فى مصر ستؤكد أننا نعيش فى مجتمع فيه الكثير من التقدم المظهرى والتخلف الهيكلى، بين جيل جديد يبحث عن الجديد ويستشهد من أجله، وجيل قديم يدافع عن القديم ويناضل من أجله، ببساطة هذه ثورة فى مجتمع محافظ خرج أبناؤه عليه، أحسنوا حينا وأخطأوا حينا.
إنها ثورة قوية فى أرض غير عفية، إنها قطار سريع على قضبان صدئة.. إنها ماض يصارع مستقبلا.. إنها زيجة محكوم عليها بالطلاق بين ثورتى 52 و25، صراع بين شرعية الماضى وشرعية المستقبل على أرض الحاضر.
زرت الميدان فوجدته كعادته رحبا واسعا كريما ودودا متنوعا يحتضن من يزوره، ولكنه حائر بلا قيادة، أهله كثيرون ولكنهم من مشارب متنوعة وجاءوا لأهداف متعددة ولكن يجمعهم الأمل والرجاء.. شباب رائع خير يخشى على مصر من استبداد جديد ويستشعر أن نخبته السياسة خذلته مرات ومرات.
الثورة تلخصت إجرائيا فى مجموعة من المحاكمات ومجموعة من الانتخابات ومجموعة من التظاهرات. أما المحاكمات فهى تعانى من طمس وإتلاف وإخفاء الأدلة، وأما الانتخابات فهى تعانى من تشتت الأصوات وشبهات حول الإجراءات، وأما التظاهرات فأصبحت هى الملجأ الأخير لمن خذلته المحاكمات وأحبطته الانتخابات.
أضعف ما فى الثورة هو أقوى ما فيها؛ إنها حالة جماعية تلقائية لكنها حالة غير قادرة على أن تترجم نفسها إلى كيان متجانس يجعل أهدافها هى أجندة الوطن. الثوار يعرفون كيف يوقفون السيارة، ولكنهم لم يتمكنوا من توجيهها، هم يملكون الفرامل ولكنهم لا يملكون عجلة القيادة.
مسرحية «نهر الجنون» لتوفيق الحكيم فيها ما يستحق التأمل، حيث ظن أهل المدينة فى المسرحية المذكورة أن طاعونا سيصيبهم إن لم يشربوا من النهر، فشربوا جميعا، وكان النهر ملوثا بالفعل، فأصيبوا بالجنون، ما عدا الملك والوزير. ولأن الشعب هو الأغلبية، وجد الملك والوزير نفسيهما فى عزلة عن بقية المجتمع الذين ظنوا أنهم العقلاء وأن الملك والوزير هما المجنونان. وبعد نقاش طويل بين الملك والوزير اكتشفا أنهما لن يستطيعا أن يصمدا أمام التيار الجارف من «الجنون الغالب» فى مواجهة «العقلانية النادرة».
ماذا يفعلان؟ لقد شربا من نهر الجنون، وأصبح الكل مجنونا.
هؤلاء الشباب لم يشربوا من «نهر الفساد» الذى شرب منه الكثير من الكبار عليهم حتى أصبحنا لا نستسيغ الماء إلا إذا كان فاسدا مستبدا. وأصبحنا نعيش فى ثقافة «مستبد، لكن». الحاكم مستبد، لكنه صاحب أول ضربة جوية فتحت باب الحرية. الحاكم فاسد، لكن أهوه شبع بدل ما يحكمنا واحد جعان ويسرقنا من أول وجديد. وهكذا، أصبحنا نقبل الاستبداد وكأنه منطقى، والفساد وكأنه طبيعى، إلى أن ظهر فى حياتنا «العيال بتوع التحرير» الذين لم يشربوا من نهر الفساد والاستبداد بعد، ولم يفعلوا مثلما فعل الملك والوزير بالشرب من «نهر جنون الفساد والاستبداد». صحيح لهم أخطاؤهم، ولا بد من تحديدها والتعامل معها على أنها جزء من بشريتهم، فهم ليسوا ملائكة. ولكن ليس من بين أخطائهم أنهم خونة أو عملاء أو مجانين أو فاسدون أو مستبدون. هم فقط مختلفون لأنهم رفضوا أن يشربوا من النهر، ويحكموا على الأمور بمعايير مختلفة.
التأسيس لشرعية جديدة كالميلاد الجديد وسيأخذ وقتا لكن سننجح بإذن الله.
|
|