قد ينتاب بعض الأسر القلق على مستقبل طفلها الدراسي لأنه قليل التركيز ودرجاته فى الامتحان منخفضة ويتسرب إليهم إحساس بأنه متخلف عقليا أو فاشل دراسيا ولا أمل من تقدمه فى الدراسة والحقيقة أن هذا الأمر خاطئ لأنه شديد الذكاء لكنه يحتاج إلى عناية واهتمام أكثر وسوف يعطى نتائج مذهلة فى أسرع وقت وهذا ما كشفت عنه دراسة علمية حديثة أجراها باحثون أمريكيون أثبتت أن الأطفال مشتتي الذهن والذين لا يستطيعون التركيز في أدق تفاصيل حياتهم بطريقة كافية ويشردون لأوقات طويلة يتمتعون بذكاء حاد وذاكرة حديدية وعقل نابغ.

يحلل دانيال ليفنسون طبيب بقسم الأمراض النفسية والعصبية في جامعة «ويسكونسن» ماديسون بالولايات المتحدة الامريكية إن «الأشخاص الذين يبدو عليهم الشرود والتشتت الذهني يتمتعون بذاكرة فائقة تختزن الكثير من المعلومات والاستعانة بها فى الوقت المناسب».

وقد طلب الباحثون من المتطوعين فى الدراسة أداء اختبار بسيط استطاع الباحثون من خلاله التعرف على الطريقة التى يفكر بها الأطفال فى تلك المرحلة سواء كانوا مصابين بالتشتت أو بالتأخر الذهني.

وفي النهاية أوضحت الدراسة أنه تم قياس قدرة تخزين المشاركين للمعلومات بالذاكرة من خلال استرجاعهم لسلسلة من الحروف التي تخللها بعض المسائل الحسابية البسيطة؛ مشيرة إلى أن الأطفال الأكثر قدرة على تخزين المعلومات هم أكثر عرضة للتشتت الذهني خاصة وقت استرجاع تلك البيانات ولكن هذا الشرود لا يؤثر على الصحة العقلية وأضاف ليفنسون أن الأطفال الصغار فى مرحلة الدراسة يحتاجون لتلك النوعية من الذاكرة القادرة على أداء المهام البسيطة بصورة يومية مثل اتباع تعليمات المدرسين أو تذكر الجمل التى يمليها المعلمون عليهم.

تناول الحلويات أهم أسباب قلة التركيز:
تقول د. سلوى طوبار أستاذ مساعد الطب النفسى بكلية طب المنصورة:
فى البداية هذا البحث صحيح لأن الأطفال قليلي التركيز هم أطفال شديدو الذكاء رغم أنهم يكونون سيئين دراسيا ويرجع السبب فى قلة التركيز إلى مزيج من الوراثة والبيئة المحيطة والمقصود بالبيئة هنا هو بدءً من رحم الأم وذلك بالنسبة للأمهات المدخنات كما تلعب إضافات الطعام وألوانه الصناعية دورا فى ذلك والإفراط فى تناول الحلويات بالإضافة إلى طريقة معاملة الطفل التى تزيد من دفع الطفل لضعف الانتباه . والأطفال قليلو الانتباه يمثلون 1,5% من الأطفال فى سن المدرسة فى مصر وتزيد هذه النسبة فى البنات أكثر من الأولاد. ومعظم الأطفال مشتتو التركيز يؤتون نتائج علاجية سريعة ولكن تختلف من طفل لآخر فإن 3/1 هؤلاء الأطفال يتحسنون من أنفسهم بدرجة كبيرة عند سن 11 إلى 12 وكلما تم العلاج مبكرا يكون أفضل حتى لا يكون لدينا تاريخ طويل من الفشل الدراسى والتعليقات السلبية التى ستؤثر على سلوك الطفل بشكل أكبر ويصبح طفلا منطويا وغير اجتماعى .

الكمبيوتر والموبايل يظهران ذكاءه أكثر من الدراسة .
وتؤكد د. سلوى طوبار أن تشتت الانتباه يظهر فى المدرسة حيث لا ينتبه الطفل لشرح المدرسة ولا يطيع كلامها ولا يمكث على المذاكرة ويتسرع فى إجابة أسئلة الامتحان رغم معرفته للإجابة الصحيحة وهذا الطفل مرشح لأن يكون فاشلا دراسيا رغم كونه يتمتع بذكاء عادى أو أكثر من عادى بالمقارنة بالأطفال الآخرين والمشكلة لديه هى تسجيل المعلومات ولكن عندما نجذب انتباهه فإنه يقوم بتسجيلها والاحتفاظ بها فلا يتشتت بل يحتفظ فى ذاكرته بشكل أفضل ويظهر ذكاءه فى سرعة تعامله وإتقانه التعامل مع الكمبيوتر والموبايل بشكل أفضل من بقية إخوته وأمه وأبيه ولذلك نجده يجيد ألعاب الكمبيوتر لأنها متحركة وسريعة فتقضى على الملل لأن المؤثر يتغير لديه .

خطوات علاج قلة التركيز :
لابد أن تعرف المدرسة أن هذا الطفل ليس فاشلا دراسيا ولا متخلفا عقليا إنما يحتاج إلى اهتمام أكثر فالطفل قليل الانتباه قدرته على التركيز أقصاها 5 دقائق أو 10 ولذلك يفقد التركيز خلال الحصة التى قد تصل إلى ساعة وإذا لم نحترم المدة التى يمكن أن يركز فيها فسوف يفشل فى التوصل وفهم ما يتلقاه فى المدرسة فتعتقد المدرسة أنه سرحان فيكون رد فعلها الانفعال عليه أو طرده من الفصل أو إهانته أمام زملائه وهذا خطأ كبير جدًّا يؤثر سلبا على الطفل ويكون رد فعله عكسيا ويصبح عدوانيا ويتمادى فيما يفعله فى حين أن المدرسة لو التقطت أول الخيط وعرفت أن هذا الطفل مصاب بضعف التركيز وأعطته اهتماما أكثر فسيتحول من طفل راسب لطفل متفوق ومثل هذا الطفل لا يجلس فى آخر الفصل ولابد أن يكون قريبا من المدرسة ولا يجلس بجوار طفل شقى بل يجلس بجوار طفل هادئ وتقوم المدرسة بإصدار أوامر له طوال الحصة بأن يفعل أى نشاط بالفصل فهؤلاء الأطفال يكونون مزعجين والأسهل اتهامهم بالغباء وسوء السلوك ولكن الأصعب احتواؤهم ومدحهم على شيء إيجابي يصدر منهم فيدفعهم هذا المديح لفعل شيء آخر أفضل .

دور الأم فى العلاج :
دور الأم يكون أكبر فى هذا الأمر خاصة فى المذاكرة فتلاحظ متى يمل طفلها وهنا تتوقف عن المذاكرة وعمل شيء آخر بأن تعطيه سندويتش ثم تعاود المذاكرة من جديد كما أن المادة التى تقوم الأم بمذاكرتها يجب أن تكون مغرية بقدر الإمكان وليست مملة بأن تكون على الكمبيوتر فى شكل أسئلة وعندما يجيب الطفل تظهر علامات تشجيعية وهنا تكون المذاكرة تفاعلية وهذا سيجذب انتباهه أكثر كما أن المادة المصورة أفضل له من الكلمات ولابد من أن تجعل الأم طفلها يستخدم أكثر من حاسة فى المذاكرة بمعنى ان يقرأ بصوت عال وليس بعينيه ويشير إلى الكلمات بأصبعه وهذا يزيد الانتباه كما ان التكرار مفيد . ولو كان الطفل أصغر سنا فستحتاج الأم ان تكون مثل البهلوان حتى تعطيه المادة العلمية فى أبسط وأسرع شكل ممكن.