منتديات طعم البيوت

منتدى شامل يقدم كل ما يهم الأسرة من اسلاميات وثقافة ومعلومات وصحة الطفل وآدم وحواء وهوايات وترفيه والعاب وصور وفيديو وموسوعات وتكنولوجيا
الرئيسيةالمجلةمركز ألعاب المنتديأحدث الصورالبوابةالتسجيلدخول
أهلا بكم في اقسام منتدى طعم البيوت
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة goweto_bilobed أغنية كان في منصب - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:59 am من طرفgoweto_bilobed أغنية إياك ترشح أي حد - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:58 am من طرفgoweto_bilobed أغنية أنا مرتضي - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:57 am من طرفgoweto_bilobed أغنية الهاشتاج - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:57 am من طرفgoweto_bilobed أغنية لو ناوي تقاطع - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:56 am من طرفgoweto_bilobed أغنية هترشح - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:55 am من طرفgoweto_bilobed أغنية كان في مرة - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:43 am من طرفgoweto_bilobed أغنية البرنامج الانتخابي - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:42 am من طرفgoweto_bilobed أغنية يا شعبي يا نور العين - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:42 am من طرفgoweto_bilobed أغنية متبقاش غبي - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:41 am من طرفgoweto_bilobed أغنية كمالة بشرة خير - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:40 am من طرفgoweto_bilobed أغنية ما تحسبوش الإنتخابات - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:39 am من طرفgoweto_bilobed أغنية حمدين Vs السيسي - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:39 am من طرفgoweto_bilobed أغنية الموقف إتحسم - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:37 am من طرفgoweto_bilobed أوبريت الشد العضلي - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:34 am من طرفgoweto_bilobed أغنية البلد كبيرة يا ريس - برنامج " أسعد الله مسائكم " كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأحد 17 أبريل 2016, 10:32 am من طرفgoweto_bilobed توكيل صيانة اندست 19058 كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأربعاء 06 أبريل 2016, 12:13 am من طرفgoweto_bilobed توكيل صيانة سونى 19058 كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأربعاء 06 أبريل 2016, 12:10 am من طرفgoweto_bilobed صيانة ايديال زانوسى 19058 كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الأربعاء 06 أبريل 2016, 12:06 am من طرفgoweto_bilobed الخميس , 31 اذار , 2016 برج العقرب كتاب رياض الصالحين  Alarm10 الخميس 31 مارس 2016, 12:15 pm من طرف

شاطر
 

 كتاب رياض الصالحين

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوع{الموضوع}
أبو قمر
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات
أبو قمر

مصر
ذكر
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
عدد المساهمات : 102
نقاط : 173
الابراج : السرطان
المزاج : إن مع العسر يسرا
العمر : 52
تعاليق : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
رسالة sms : النص
الموقع : http://aldiaa4u.forumegypt.net/forum
دعاء  : كتاب رياض الصالحين  189356125
كتاب رياض الصالحين  IKmsQ6 اوسمتي : كتاب رياض الصالحين  MAll6كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام

كتاب رياض الصالحين  Empty
مُساهمةموضوع: كتاب رياض الصالحين    كتاب رياض الصالحين  Alarm10الثلاثاء 18 يناير 2011, 6:50 pm

كتاب رياض الصالحين

بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوة الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجاء عدم الرد على الموضوع لحين الانتهاء من نسخ الكتاب كاملا جزاكم الله خيرا لأن الكتاب قيم جدا



مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الواحد القهار ، العزيز الغفار ، مكور الليل علي النهار ، تذكرة لأولي القلوب والأبصار ، وتبصرة لذوى الألباب والأعتبار ، الذي أيقظ من من خلقه من اصطفاه فزهدهم في هذه الدار ، وشغلهم بمرافقته وإدامة الأفكار ، وملازمة الأتعاظ والأذكار ، ووفقهم للدأب في طاعته ، والتأهب لدار القرار ، والحذر مما يسخطه ويوجب دار البوار ، والمحافظة علي ذلك مع تغاير الأحوال والأطوار .

أحمده أبلغ حمد وأزكاه ، وأشمله وأنماه .

واشهد أن لا إله إلا الله البرالكريم ، الرؤوف الرحيم ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، الهادى إلي صراط مستقيم ، والداعى إلي دين قويم . صلوات الله وسلامه عليه ، وعلي سائر النبيين وآل كل ، وسائر الصالحين .

أما بعد : فقد قال تعالى : )وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56) )مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) (الذريات:57) .وهذا تصريح بأنهم خلقوا للعبادة ، فحق عليهم الأعتناء بما خلقوا له ، والإعراض عن حظوظ الدنيا بالزهادة ، فإنها دار نفاد لا محل إخلاد ، ومركب عبور لا منزل حبور ، ومشرع انفصام لا موطن دوام . فلهذا كان الإيقاظ من أهلها هم العباد ، وأعقل الناس فيها هم الزهاد ، قال الله تعالى : )إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (يونس:24) . والآيات في هذا المعني كثيرة . ولقد أحسن القائل :

إن لله عباداً فطنا(1) طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا

نظروا فيها لما علموا أنها ليست لحي وطنا

جعلوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا
فاذا كان حالها ما وصفته ، وحالنا وما خلقنا له ما قدمته ، فحق علي المكلف أن يذهب بنفسه مذهب الأخيار ، ويسلك مسلك أولي النهي والأبصار ، ويتاهب لما أشرت إليه ، ويهتم بما نبهت عليه ، وأصوب طريق له في ذلك ، وأرشد ما يسلكه من المسالك : التأدب بما صح عن نبينا سيد الأولين والآخرين ، وأكرم السابقين واللاحقين . صلولت الله وسلامه عليه وعلي سائر النبيين . وقد قال الله تعالي : ) وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)(المائدة: من الآية2) . وقد صح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال : (( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه )) وأنه قال : (( من دل علي خير فله مثل أجر فاعله )) وأنه قال : (( من دعا إلي هدي كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً )) وأنه قال لعلي رضي الله عنه : (( فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم )) .

فرأيت أن أجمع مختصراً من الأحاديث الصحيحة ، مشتملاً علي ما يكون طريقا لصاحبه إلي الآخرة ، ومحصلاً لآدابه الباطنة والظاهرة ، جامعاً للترغيب والترهيب وسائر أنواع آداب السالكين : من أحاديث الزهد ، ورياضات النفوس ، وتهذيب الأخلاق ، وطهارات القلوب وعلاجها ، وصيانة الجوارح وإزالة اعوجاجها ، وغير ذلك من مقاصد العارفين .

ـــــــــــــــ

( 1 ) جمع فطن ، وهو من له عقل . ونظر في العواقب .


والتزم فيه أن لا أذكر إلا حديثاً صحيحاً من الواضحات ، مضافاً إلي الكتب الصحيحة المشهورات ، وأصدر الأبواب من القرآن العزيز بآيات كريمات ، وأوضح ما يحتاج إلي ضبط أو شرح معني خفي بنفائس من التنبيهات . وإذا قلت في آخر حديث : متفق عليه ، فمعناه : رواه البخارى ومسلم .

وأرجو إن تم هذا الكتاب أن يكون سائقاً للمعتني به ، حاجزا له عن أتواع القبائح والمهلكات . وأنا سائل أخاً انتفع بشئ منه أن يدعو لي ، ولوالدى ، ومشايخى ، وسائر أحبابنا ، والمسلمين أجمعين ، وعلي الله الكريم اعتمادى ، وإليه تفويضى واستنادى ، وحسبى الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو قمر
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات
أبو قمر

مصر
ذكر
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
عدد المساهمات : 102
نقاط : 173
الابراج : السرطان
المزاج : إن مع العسر يسرا
العمر : 52
تعاليق : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
رسالة sms : النص
الموقع : http://aldiaa4u.forumegypt.net/forum
دعاء  : كتاب رياض الصالحين  189356125
كتاب رياض الصالحين  IKmsQ6 اوسمتي : كتاب رياض الصالحين  MAll6كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام

كتاب رياض الصالحين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب رياض الصالحين    كتاب رياض الصالحين  Alarm10الثلاثاء 18 يناير 2011, 6:53 pm

كتاب رياض الصالحين

باب الإخلاص والتوبة والصبر



رياض الصالحين، للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي

*1*الكتاب الأول

*2* 1 - باب الإخلاص وإحضار النية في جميع الأعمال والأقوال والأحوال البارزة والخفية

@بسم اللَّه الرحمن الرحيم

قَالَ اللَّه تعالى (البينة 5): {وما أمروا إلا ليعبدوا اللَّه مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}.

وقَالَ تعالى (الحج 37): {لن ينال اللَّه لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى مِنْكم}.

وقَالَ تعالى (آل عمران 29): {قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه اللَّه}.

1 - وعَنْ أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد

اللَّه بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العدوي رَضيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: <إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. فمَنْ كانت هجرته إِلَى اللَّه ورسوله فهجرته إِلَى اللَّه ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إِلَى ما هاجر إليه> متفق عَلَى صحته. رواه إماما المحدثين: أبو عبد اللَّه محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري رَضيَ اللَّه عَنْهما في كتابيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة.

2 - وعَنْ أم المؤمنين أم عبد اللَّه عائشة رَضيَ اللَّه عَنْها قَالَت قَالَ رَسُول اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم: <يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء مِنْ الأرض يخسف بأولهم وآخرهم> قَالَت قلت: يا رَسُول اللّهِ كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس مِنْهم؟ قَالَ: <يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون عَلَى نياتهم> مُتّفَقٌ عَلَيْهِ. هذا لفظ البخاري.

3 - وعَنْ عائشة رَضيَ اللَّه عَنْها قَالَت قَالَ النبي صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم: <لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا> مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.

ومعناه: لا هجرة مِنْ مكة لأنها صارت دار إسلام

4 - وعَنْ أبي عبد اللَّه جابر بن عبد اللَّه الأنصاري رَضيَ اللَّه عَنْهُما قَالَ: كنا مع النبي صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم في غزاة فقَالَ: <إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم المرض.

وفي رواية: ألا شركوكم في الأجر> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ورَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أنس قَالَ: <رجعنا مِنْ غزوة تبوك مع النبي صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم فقَالَ: <إن أقواما خلفنا بالمدينة ما سلكنا شعبا ولا واديا ألا وهم معنا، حبسهم العذر>

5 - وعَنْ أبي يزيد معن بن يزيد بن الأخنس رَضيَ اللَّه عَنْهُم، وهو وأبوه وجده صحابيون، قَالَ: كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته بها فقَالَ: واللَّه ما إياك أردت! فخاصمته إِلَى رَسُول اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم فقَالَ: <لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

6 - وعَنْ أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الزهري رَضيَ اللَّه عَنْهُ أحد العشرة المشهود لهم بالجنة رَضيَ اللَّه عَنْهُم قَالَ: جاءني رَسُول اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم يعودني عام حجة الوداع مِنْ وجع اشتد بي فقلت: يا رَسُول اللّهِ إني قد بلغ بي مِنْ الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي؟ قَالَ <لا> قلت: فالشطر يا رَسُول اللّهِ؟ فقَالَ <لا> قَالَ: فالثلث يا رَسُول اللّهِ؟ قَالَ: <الثلث والثلث كثير أو كبير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير مِنْ أن تذرهم عالة يتكففون الناس؛ وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه اللَّه إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك> قَالَ فقلت: يا رَسُول اللّهِ أخلف بعد أصحابي؟ قَالَ: <إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه اللَّه إلا ازددت به درجة ورفعة، ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون، اللَّهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم عَلَى أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة!> يرثي له رَسُول اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم أن مات بمكة. مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.

7 - وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ عبد الرحمن بن صخر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إن اللَّه تعالى لا ينظر إِلَى أجسامكم ولا إِلَى صوركم، ولكن ينظر إِلَى قلوبكم> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

8 - وعَنْ أبي موسى عبد اللَّه بن قيس الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: سئل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَنْ الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل اللَّه؟ فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من قاتل لتكون كلمة اللَّه هي العليا فهو في سبيل اللَّه> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

9 - وعَنْ أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال:

<إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار> قلت: يا رَسُول اللَّهِ هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: <إنه كان حريصا عَلَى قتل صاحبه> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

10 - وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : <صلاة الرجل في جماعة تزيد عَلَى صلاته في سوقه وبيته بضعا وعشرين درجة؛ وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا يريد إلا الصلاة، لا ينهزه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع بها درجة وخط عَنْه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه، والملائكة يصلون عَلَى أحد كم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللَّهم ارحمه، اللَّهم اغفر له، اللَّهم تب عليه، ما لم يؤذ فيه ما لم يحدث فيه> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ. هذا لفظ مسلم.

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ينهزه> هو بفتح الياء والهاء وبالزاي: أي يخرجه وينهضه.

11 - وعَنْ أبي العباس عبد اللَّه بن عباس بن عبد المطلب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فيما يروى عَنْ ربه تَبَارَك وَتَعَالَى قال: <إن اللَّه تعالى كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها اللَّه تعالى عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها اللَّه عشر حسنات إِلَى سبعمائة ضعف إِلَى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها اللَّه عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها اللَّه سيئة واحدة> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

12 - وعَنْ أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهماُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إِلَى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة مِنْ الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا: إنه لا ينجيكم مِنْ هذه الصخرة إلا أن تدعوا اللَّه بصالح أعمالكم. قال رجل مِنْهم: اللَّه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا، فنأى بي طلب الشجر يوما فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلا أو مالا، فلبثت والقدح عَلَى يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه مِنْ هذه الصخرة، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج. قال الآخر: اللَّهم كان لي ابنة عم كانت أحب الناس إلي. وفي رواية: كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، فأردتها عَنْ نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة مِنْ السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار عَلَى أن تخلي بيني وبين نفسها، ففعلت حتى إذا قدرت عليها. وفي رواية: فلما قعدت بين رجليها، قالت: تتق اللَّه ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فانصرفت عَنْها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج مِنْها. وقال الثالث: اللَّهم استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمرت أجره حتى كثرت مِنْه الأموال فجاءني بعد حين فقال: يا عبد اللَّه أد إلي أجري. فقلت: كل ما ترى مِنْ أجرك مِنْ الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال: يا عبد اللَّه لا تستهزئ بي! فقلت: لا أستهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك مِنْه شيئا، اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

*2* 2 - باب التوبة

@قال العلماء: التوبة واجبة مِنْ كل ذنب. فإن كانت المعصية بين العبد وبين اللَّه تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط: أحدها أن يقلع عَنْ المعصية، والثاني أن يندم عَلَى فعلها، والثالث أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا؛ فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته. وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة وأن يبرأ مِنْ حق صاحبها. فأن كانت مالا أو نحوه رده إليه، وإن كان حد قذف ونحوه مكنه مِنْه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحله مِنْها. ويجب أن يتوب مِنْ جميع الذنوب، فإن تاب مِنْ بعضها صحت توبته عند أهل الحق مِنْ ذلك الذنب وبقى عليه الباقي. وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة عَلَى وجوب التوبة.

@قال اللَّه تعالى (النور 31): {وتوبوا إِلَى اللَّه جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}.

وقال تعالى (هود 3): {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه}.

وقال تعالى (التحريم 8): {يا أيها الذين آمنوا توبوا إِلَى اللَّه توبة نصوحا}.

13 - وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <واللَّه إني لأستغفر اللَّه وأتوب إليه في اليوم أكثر مِنْ سبعين مرة> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

14 - وعَنْ الأغر بن يسار المزني رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <يا أيها الناس توبوا إِلَى اللَّه واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

15 - وعَنْ أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لله أفرح بتوبة عبده مِنْ أحدكم سقط عَلَى بعيره وقد أضله في أرض فلاة> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لمسلم <لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه مِنْ أحدكم كان عَلَى راحلته بأرض فلاة فانفلتت مِنْه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس مِنْ راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال مِنْ شدة الفرح: اللَّهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ مِنْ شدة الفرح> .

16 - وعَنْ أبي موسى عبد اللَّه بن قيس الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إن اللَّه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس مِنْ مغربها> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

17 - وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من تاب قبل أن تطلع الشمس مِنْ مغربها تاب اللَّه عليه> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

18 - وعَنْ أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يقبل توبة العبد ما لم يغرغر> رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وقال حديث حسن.

19 - وعَنْ زر بن حبيش قال: أتيت صفوان بن عسال رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أسأله عَنْ المسح عَلَى الخفين فقال: ما جاء بك يا زر؟ فقلت: ابتغاء العلم. فقال: إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب. فقلت: إنه قد حك في صدري المسح عَلَى الخفين بعد الغائط والبول، وكنت امرأ مِنْ أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فجئت أسألك هل سمعته يذكر في ذلك شيئا؟ قال: نعم كان يأمرنا إذا كنا سفرا أو مسافرين، أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا مِنْ جنابة، لكن مِنْ غائط وبول ونوم. فقلت: هل سمعته يذكر في الهوى شيئا؟ قال: نعم كنا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في سفر فبينا نحن عنده إذ ناداه أعرابي بصوت له جهوري: يا محمد. فأجابه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نحوا مِنْ صوته <هاؤم> فقلت له: ويحك! أغضض مِنْ صوتك فإنك عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وقد نهيت عَنْ هذا. فقال: واللَّه لا أغضض. قال الأعرابي: المرء يحب القوم ولما يلحق بهم؟ قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <المرء مع من أحب يوم القيامة> فما زال يحدثنا حتى ذكر بابا مِنْ المغرب مسيرة عرضه أو يسير الراكب في عرضه أربعين أو سبعين عاما (قال سفيان أحد الرواة: قبل الشام) خلقه اللَّه تعالى يوم خلق السماوات والأرض مفتوحا للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس مِنْه> رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وغيره وقال وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.

20 - وعَنْ أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عَنْ أعلم أهل الأرض فدل عَلَى راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له مِنْ توبة؟ فقال لا، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عَنْ أعلم أهل الأرض فدل عَلَى رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له مِنْ توبة؟ فقال: نعم ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إِلَى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون اللَّه تعالى فاعبد اللَّه معهم، ولا ترجع إِلَى أرضك فإنها أرض سوء. فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت؛ فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إِلَى اللَّه تعالى، وقالت ملائمة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم - أي حكماً - فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإِلَى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إِلَى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية في الصحيح <فكان إِلَى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل مِنْ أهلها>

وفي رواية في الصحيح: <فأوحى اللَّه تعالى إِلَى هذه أن تباعدي وإِلَى هذه أن تقربي وقال قيسوا ما بينهما فوجدوه إِلَى هذه أقرب بشبر فغفر له>

وفي رواية <فنأى بصدره نحوها> .

21 - وعَنْ عبد اللَّه بن كعب بن مالك، وكان قائد كعب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ بنيه حين عمي، قال سمعت كعب بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يحدث حديثه حين تخلف عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في غزوة تبوك، قال كعب: لم أتخلف عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك غير أني قد تخلفت في غزوة بدر، ولم يعاتب أحدا تخلف عَنْه، إنما خرج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع اللَّه تعالى بينهم وبين عدوهم عَلَى غير ميعاد، ولقد شهدت مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ليلة العقبة حين تواثقنا عَلَى الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس مِنْها. وكان مِنْ خبري حين تخلفت عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عَنْه في تلك الغزوة؛ واللَّه ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة، ولم يكن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة، فغزاها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في حر شديد، واستقبل سفرا بعيدا ومفازا، واستقبل عددا كثيرا، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجههم الذي يريد، والمسلمون مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ (يريد بذلك الديوان) قال كعب: فقل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى ما لم ينزل فيه وحي مِنْ اللَّه، وغزا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فأنا إليها أصعر، فتجهز رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم والمسلمون معه وطفقت أغدو لكي أتجهز معه فأرجع ولم أقض شيئا وأقول في نفسي أنا قادر عَلَى ذلك إذا أردت، فلم يزل يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد، فأصبح رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم غاديا والمسلمون معه ولم أقض مِنْ جهازي شيئا، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا، فلم يزل يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو فهممت أن أرتحل فأدركهم فيا ليتني فعلت! ثم لم يقدر ذلك لي، فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق، أو رجلا ممن عذر اللَّه تعالى مِنْ الضعفاء، ولم يذكرني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حتى بلغ تبوك؛ فقال وهو جالس في القوم بتبوك: <ما فعل كعب بن مالك؟> فقال رجل مِنْ بني سلمة: يا رَسُول اللَّهِ حبسه برداه والنظر في عطفيه! فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت! واللَّه يا رَسُول اللَّهِ ما علمنا عليه إلا خيرا. فسكت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فبينا هو عَلَى ذلك رأى رجلا مبيضا يزول به السراب فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <كن أبا خيثمة> فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون، قال كعب: فلما بلغني أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قد توجه قافلا مِنْ تبوك حضرني بثي، فطفقت أتذكر الكذب وأقول بما أخرج مِنْ سخطه غدا؟ وأستعين عَلَى ذلك بكل ذي رأي مِنْ أهلي، فلما قيل إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قد أظل قادما زاح عني الباطل حتى عرفت أني لم أنج مِنْه بشيء أبدا فأجمعت صدقه، وأصبح رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قادما، وكان إذا قدم مِنْ سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعا وثمانين رجلا، فقبل مِنْهم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إِلَى اللَّه تعالى حتى جئت، فلما سلمت تبسم تبسم المغضب ثم قال <تعال> فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي: <ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟> قال قلت: يا رَسُول اللَّهِ إني واللَّه لو جلست عند غيرك مِنْ أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج مِنْ سخطه بعذر، لقد أعطيت جدلا، ولكني واللَّه لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن اللَّه [أن] يسخطك علي، وإن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عقبى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ؛ واللَّه ما كان لي مِنْ عذر، واللَّه ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك.

قال فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي اللَّه فيك> وثار رجال مِنْ بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي: واللَّه ما علمناك أذنبت ذنبا قبل هذا! لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بما اعتذر به إليه المخلفون. فقد كان كافيك ذنبك استغفار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لك. قال: فواللَّه ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأكذب نفسي. ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي مِنْ أحد؟ قالوا: نعم لقيه معك رجلان قالا ما قلت وقيل لهما مثل ما قيل لك. قال: قلت من هما؟ قالوا: مرارة بن ربيعة العمري وهلال بن أمية الواقفي. قال فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة، قال فمضيت حين ذكروهما لي.

ونهى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَنْ كلامنا أيها الثلاثة مِنْ بين مِنْ تخلف عَنْه، قال فاجتنبنا الناس، أو قال تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي بالأرض التي أعرف، فلبثنا عَلَى ذلك خمسين ليلة. فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد، وآتي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام أم لا؟ ثم أصلي قريبا مِنْه وأسارقه النظر فإذا أقبلت عَلَى صلاتي نظر إلي وإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال ذلك علي مِنْ جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحب الناس إلي، فسلمت عليه فواللَّه ما رد علي السلام، فقلت له: يا أبا قتادة أنشدك باللَّه هل تعلمني أحب اللَّه ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ فسكت، فعدت فناشدته فسكت، فعدت فناشدته فقال: اللَّه ورسوله أعلم، ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار، فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي مِنْ نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل عَلَى كعب بن مالك؟ فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع إلي كتابا مِنْ ملك غسان، وكنت كاتبا، فقرأته فإذا فيه: أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك اللَّه بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك. فقلت حين قرأتها: و هذه أيضا من البلاء! فتيممت بها التنور فسجرتها، حتى إذا مضت أربعون مِنْ الخمسين و استلبث الوحي إذا رسول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يأتيني فقال: إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يأمرك أن تعتزل امرأتك. فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ فقال: لا بل اعتزلها فلا تقربنها، وأرسل إِلَى صاحبي بمثل ذلك.

فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي اللَّه في هذا الأمر، فجاءت امرأة هلال بن أمية رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقالت له: يا رَسُول اللَّهِ إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس

له خادم فهل تكره أن أخدمه؟ قال: <لا ولكن لا يقربنك> فقالت: إنه واللَّه ما به حركة إِلَى شيء، وواللَّه ما زال يبكي منذ كان مِنْ أمره ما كان إِلَى يومه هذا. فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في امرأتك فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه؟ فقلت لا أستأذن فيها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وما يدريني ماذا يقول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا استأذنته وأنا رجل شاب؟ فلبثت بذلك عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة مِنْ حين نهي عَنْ كلامنا، ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة عَلَى ظهر بيت مِنْ بيوتنا.

فبينا أنا جالس عَلَى الحال التي ذكر اللَّه منا، قد ضاقت عَلَى نفسي و ضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى عَلَى سلع يقول بأعَلَى صوته: يا كعب بن مالك أبشر، فخررت ساجدا و عرفت أنه قد جاء فرج، فآذن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الناس بتوبة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ علينا حين صلى صلاة الفجر. فذهب الناس يبشروننا، فذهب قبل صاحبي مبشرون، و ركض رجل إلي فرسا، و سعى ساع مِنْ أسلم قبلي وأوفى عَلَى الجبل فكان الصوت أسرع مِنْ الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته، و اللَّه ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت أتأمم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة، ويقولون لي لتهنك توبة اللَّه عليك، حتى دخلت المسجد فإذا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم جالس حوله الناس، فقام طلحة بن عبيد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يهرول حتى صافحني وهنأني، واللَّه ما قام رجل مِنْ المهاجرين غيره، فكان كعب لا ينساها لطلحة. قال كعب: فلما سلمت عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال وهو يبرق وجهه مِنْ السرور: <أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك!> فقلت: أمِنْ عندك يا رَسُول اللَّهِ أم مِنْ عند اللَّه؟ قال: <لا بل مِنْ عند اللَّه عَزَّ وَجَلَّ> و كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا سر استنار وجهه حتى كأن وجهه قطعة قمر، و كنا نعرف ذلك مِنْه.

فلما جلست بين يديه قلت: يا رَسُول اللَّهِ إن مِنْ توبتي أن أنخلع مِنْ مالي صدقة إِلَى اللَّه وإِلَى رسوله. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك> فقلت: إني أمسك سهمي الذي بخيبر، وقلت: يا رَسُول اللَّهِ إن اللَّه تعالى إنما أنجاني بالصدق وإن مِنْ توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت، فواللَّه ما علمت أحدا مِنْ المسلمين أبلاه اللَّه تعالى في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أحسن مما أبلاني اللَّه تعالى،

واللَّه ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إِلَى يومي هذا و إني لأرجو أن يحفظني اللَّه تعالى فيما بقي، قال: فأنزل اللَّه تعالى (التوبة 117، 118، 119): {لقد تاب اللَّه عَلَى النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة} حتى بلغ {إنه بهم رؤوف رحيم وعَلَى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت} حتى بلغ: {اتقوا اللَّه و كونوا مع الصادقين} قال كعب: و اللَّه ما أنعم اللَّه علي مِنْ نعمة قط بعد إذ هداني للإسلام أعظم في نفسي مِنْ صدقي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا؛ إن اللَّه تعالى قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد، فقال اللَّه تعالى (التوبة 95، 96): {سيحلفون باللَّه لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عَنْهم فأعرضوا عَنْهم؛ إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عَنْهم، فإن ترضوا عَنْهم فإن اللَّه لا يرضى عَنْ القوم الفاسقين}

قال كعب: كنا خلفنا أيها الثلاثة عَنْ أمر أولئك الذين قبل مِنْهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أمرنا حتى قضى اللَّه تعالى فيه بذلك، قال اللَّه تعالى: {وعَلَى الثلاثة الذين خلفوا} وليس الذي ذكر مما خلفنا تخلفنا عَنْ الغزو، وإنما هو تخليفه إيانا، وإرجاؤه عمن حلف له واعتذر إليه فقبل مِنْه. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم خرج في غزوة تبوك يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس.

وفي رواية: كان لا يقدم مِنْ سفر إلا نهارا في الضحى، فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فيه.

22 - وعَنْ أبي نجيد - بضم النون وفتح الجيم - عمران بن الحصين الخزاعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أن امرأة مِنْ جهينة أتت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وهي حبلى مِنْ الزنا فقالت: يا رَسُول اللَّهِ أصبت حدا فأقمه علي. فدعا نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وليها فقال: <أحسن إليها فإذا وضعت فائتني> ففعل، فأمر بها نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها. فقال له عمر: تصلي عليها يا رَسُول اللَّهِ وقد زنت؟ قال: < لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين مِنْ أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل مِنْ أن جادت بنفسها لله عَزَّ وَجَلَّ؟> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

23 - وعَنْ ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <لو أن لابن

آدم واديا مِنْ ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب اللَّه عَلَى من تاب> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

24 - وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <يضحك اللَّه سبحانه وتعالى إِلَى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة: يقاتل هذا في سبيل اللَّه فيقتل، ثم يتوب اللَّه عَلَى القاتل فيسلم فيستشهد> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

*2* 3 - باب الصبر

@قال اللَّه تعالى (آل عمران 200): {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا}.

وقال تعالى (البقرة 155): {ولنبلونكم بشيء مِنْ الخوف والجوع ونقص مِنْ الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين}.

وقال تعالى (الزمر 10): {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.

وقال تعالى (الشورى 43): {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}.

وقال تعالى (البقرة 153): {استعينوا بالصبر والصلاة إن اللَّه مع الصابرين}.

وقال تعالى (محمد 31): {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين مِنْكم والصابرين}.

والآيات في الأمر بالصبر وبيان فضله كثيرة معروفة.

25 - وعَنْ أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان اللَّه والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض، الصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

26 - وعَنْ أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن ناسا مِنْ الأنصار سألوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم حتى نفد ما عنده، فقال لهم حين أنفق كل شيء بيده: <ما يكن عندي مِنْ خير فلن أدخره عَنْكم، ومن يستعفف يعفه اللَّه، ومن يستغن يغنه اللَّه، ومن يتصبر يصبره اللَّه، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع مِنْ الصبر> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

27 - وعَنْ أبي يحيى صهيب بن سنان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمِنْ: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

28 - وعَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال لما ثقل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم جعل يتغشاه الكرب. فقالت فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: واكرب أبتاه! فقال: <ليس عَلَى أبيك كرب بعد اليوم> فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب رباً دعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إِلَى جبريل ننعاه. فلما دفن قالت فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أطابت أنفسكم أن تحثوا عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم التراب؟! رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

29 - وعَنْ أبي زيد أسامة بن زيد بن حارثة مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وحبه وابن حبه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال: أرسلت بنت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إن ابني قد احتضر فاشهدنا. فأرسل يقرئ السلام ويقول: <إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب> فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي ابن كعب وزيد بن ثابت ورجال رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم، فرفع إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الصبي، فأقعده في حجره ونفسه تقعقع ففاضت عيناه. فقال سعد: يا رَسُول اللَّهِ ما هذا؟ فقال: <هذه رحمة جعلها اللَّه تعالى في قلوب عباده. وفي رواية: في قلوب من شاء مِنْ عباده، وإنما يرحم اللَّه مِنْ عباده الرحماء> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

ومعنى <تقعقع> : تتحرك وتضطرب.

30 - وعَنْ صهيب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر. فبعث إليه غلاما يعلمه، وكان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إِلَى الراهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر. فبينما هو عَلَى ذلك إذ أتى عَلَى دابة عظيمة قد حبست الناس. فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجرا فقال: اللَّهم إن كان أمر الراهب أحب إليك مِنْ أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس. فرماها فقتلها ومضى الناس. فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب: أي نبي أنت اليوم أفضل مِني قد بلغ مِنْ أمرك ما أرى! وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي. وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس مِنْ سائر الأدواء فسمع جليس للملك كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال: ما ها هنالك أجمع إن أنت شفيتني. فقال: إني لا أشفي أحدا إنما يشفي اللَّه تعالى فإن آمنت باللَّه دعوت اللَّه فشفاك. فآمن باللَّه فشفاه اللَّه تعالى. فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي. قال: أولك رب غيري؟ قال: ربي وربك اللَّه. فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل عَلَى الغلام.

فجيء بالغلام فقال له الملك: أي بني قد بلغ مِنْ سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل! فقال: إني لا أشفي أحدا إنما يشفي اللَّه تعالى. فأخذه فلم يعذبه حتى دل عَلَى الراهب. فجيء بالراهب فقيل له ارجع عَنْ دينك فأبى، فدعا بالمِنْشار فوضع المِنْشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه. ثم جيء بجليس الملك فقيل له ارجع عَنْ دينك فأبى فوضع المِنْشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه. ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عَنْ دينك فأبى، فدفعه إِلَى نفر مِنْ أصحابه فقال: اذهبوا به إِلَى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عَنْ دينه وإلا فاطرحوه. فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال: اللَّهم اكفنيهم بما شئت. فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إِلَى الملك. فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم اللَّه تعالى. فدفعه إِلَى نفر مِنْ أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور وتوسطوا به البحر فإن رجع عَنْ دينه وإلا فاقذفوه. فذهبوا به فقال: اللَّهم اكفنيهم بما شئت. فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إِلَى الملك. فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم اللَّه تعالى. فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به. قال: ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني عَلَى جذع ثم خذ سهما مِنْ كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل بسم اللَّه رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني. فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه عَلَى جذع ثم أخذ سهما مِنْ كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال بسم اللَّه رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه فمات. فقال الناس: آمنا برب الغلام. فأتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر قد واللَّه نزل بك حذرك: قد آمن الناس. فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدت وأضرم فيها النيران وقال من لم يرجع عَنْ دينه فأقحموه فيها أو قيل له اقتحم. ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام: يا أمه اصبري فإنك عَلَى الحق> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

<ذروة الجبل> : أعلاه، هي بكسر الذال المعجمة وضمها.

و <القرقور> بضم القافين: نوع مِنْ السفن.

و <الصعيد> هنا: الأرض البارزة.

و <الأخدود> : الشقوق في الأرض كالنهر الصغير.

و <أضرم> : أوقد.

و <انكفأت> : أي انقلبت.

و <تقاعست> : توقفت وجبنت.

31 - وعَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: مر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَلَى امرأة تبكي عند قبر فقال: <اتقي اللَّه واصبري> فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي. ولم تعرفه، فقيل لها إنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. فأتت باب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فلم تجد عنده بوابين فقال: لم أعرفك! فقال: <إنما الصبر عند الصدمة الأولى> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لمسلم: <تبكي عَلَى صبي لها> .

32 - وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <يقول اللَّه تعالى: ما لعبدي المؤمِنْ عندي جزاء إذا قبضت صفيه مِنْ أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

33 - وعَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنها سألت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَنْ الطاعون؟ فأخبرها أنه كان عذابا يبعثه اللَّه تعالى عَلَى من يشاء فجعله اللَّه تعالى رحمة للمؤمنين، فليس مِنْ عبد يقع في الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب اللَّه له إلا كان له مثل أجر الشهيد> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

34 - وعَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته مِنْهما الجنة> يريد عينيه. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

35 - وعَنْ عطاء بن أبي رباح قال، قال لي ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ألا أريك امرأة مِنْ أهل الجنة؟ فقلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع اللَّه تعالى لي. قال: <إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت اللَّه تعالى أن يعافيك> فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع اللَّه أن لا أتكشف، فدعا لها. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

36 - وعَنْ أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كأني أنظر إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يحكي نبيا مِنْ الأنبياء صلوات اللَّه وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عَنْ وجهه ويقول: <اللَّهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

37 - وعَنْ أبي سعيد وأبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <ما يصيب المسلم مِنْ نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر اللَّه بها مِنْ خطاياه> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

و <الوصب> : المرض.

38 - وعَنْ ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال دخلت عَلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو يوعك فقلت: يا رَسُول اللَّهِ إنك توعك وعكا شديدا. قال: <أجل إني أوعك كما يوعك رجلان مِنْكم> قلت: ذلك أن لك أجرين. قال: <أجل ذلك كذلك، ما مِنْ مسلم يصيبه أذى: شوكة فما فوقها إلا كفر اللَّه بها سيئاته، وحطت عَنْه ذنوبه كما تحط الشجرة ورقها> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

و <الوعك> : مغث الحمى. وقيل: الحمى.

39 - وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من يرد اللَّه به خيرا يصب مِنْه> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وضبطوا <يصب> بفتح الصاد وكسرها.

40 - وعَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللَّهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

41 - وعَنْ أبي عبد اللَّه خباب بن الأرت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: شكونا إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو متوسد بردة له في طل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: <قد كان مِنْ قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمِنْشار فيوضع عَلَى رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عَنْ دينه! واللَّه ليتمن اللَّه هذا الأمر حتى يسير الراكب مِنْ صنعاء إِلَى حضرموت لا يخاف إلا اللَّه والذئب عَلَى غنمه ولكنكم تستعجلون!> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وفي رواية: <وهو متوسد بردة وقد لقينا مِنْ المشركين شدة> .

42 - وعَنْ ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: لما كان يوم حنين آثر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ناسا في القسمة: فأعطى الأقرع بن حابس مائة مِنْ الإبل، وأعطى عيينة بن حصن مثل ذلك، وأعطى ناسا مِنْ أشراف العرب وآثرهم يومئذ في القسمة. فقال رجل: واللَّه إن هذه قسمة ما عدل فيها وما أريد فيها وجه اللَّه. فقلت: واللَّه لأخبرن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم! فأتيته فأخبرته بما قال فتغير وجهه حتى كان كالصرف ثم قال: <فمن يعدل إذا لم يعدل اللَّه ورسوله؟! ثم قال: <يرحم اللَّه موسى قد أوذي بأكثر مِنْ هذا فصبر> فقلت: لا جرم لا أرفع إليه بعدها حديثا. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

وقوله <كالصرف> هو بكسر الصاد المهملة: وهو صبغ أحمر.

43 - وعَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إذا أراد اللَّه بعبده خيراً عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد اللَّه بعبده الشر أمسك عَنْه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة> وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن اللَّه تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط> رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

44 - وعَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كان ابن لأبي طلحة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يشتكي فخرج أبو طلحة فقبض الصبي. فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت أم سليم وهي أم الصبي: هو أسكن ما كان. فقربت له العشاء فتعشى ثم أصاب مِنْها. فلما فرغ قالت: واروا الصبي. فلما أصبح أبو طلحة أتى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأخبره فقال: <أعرستم الليلة؟> قال: نعم. قال: <اللَّهم بارك لهما> فولدت غلاما فقال لي أبو طلحة: احمله حتى تأتي به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وبعث معه بتمرات. فقال: <أمعه شيء؟> قال: نعم تمرات. فأخذها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فمضغها ثم أخذها مِنْ فيه فجعلها في في الصبي ثم حنكه وسماه عبد اللَّه. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية للبخاري قال ابن عيينة: فقال رجل مِنْ الأنصار فرأيت تسعة أولاد كلهم قد قرءوا القرآن (يعني مِنْ أولاد عبد اللَّه المولود) .

وفي رواية لمسلم: مات ابن لأبي طلحة مِنْ أم سليم فقالت لأهلها: لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه. فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب، ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك فوقع بها، فلما أن رأت أنه قد شبع وأصاب مِنْها قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا. فقالت: فاحتسب ابنك. قال فغضب ثم قال: تركتني حتى إذا تلطخت ثم أخبرتني بابني! فانطلق حتى أتى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأخبره بما كان. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <بارك اللَّه في ليلتكما> قال فحملت. قال وكان رَسُول اللَّهِ في سفر وهي معه، وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا أتى المدينة مِنْ سفر لا يطرقها طروقا فدنوا مِنْ المدينة فضربها المخاض فاحتبس عليها أبو طلحة وانطلق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. قال يقول أبو طلحة: إنك لتعلم يا رب أنه يعجبني أن أخرج مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا خرج وأدخل معه إذا دخل وقد احتبست بما ترى. تقول أم سليم: يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أجد، انطلق. فاطلقنا [لعله: فانطلقنا] وضربها المخاض حين قدما فولدت غلاما. فقالت لي أمي: يا أنس لا يرضعه أحد حتى تغدو به عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلما أصبح احتملته فانطلقت به إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. وذكر تمام الحديث.

45 - وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

و <الصرعة> بضم الصاد وفتح الراء وأصله عند العرب: من يصرع الناس كثيرا.

46 - وعَنْ سليمان بن صرد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنت جالسا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ورجلان يستبان وأحدهما قد احمر وجهه وانتفخت أوداجه فقال رَسُول ال

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو قمر
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات
أبو قمر

مصر
ذكر
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
عدد المساهمات : 102
نقاط : 173
الابراج : السرطان
المزاج : إن مع العسر يسرا
العمر : 52
تعاليق : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
رسالة sms : النص
الموقع : http://aldiaa4u.forumegypt.net/forum
دعاء  : كتاب رياض الصالحين  189356125
كتاب رياض الصالحين  IKmsQ6 اوسمتي : كتاب رياض الصالحين  MAll6كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام

كتاب رياض الصالحين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب رياض الصالحين    كتاب رياض الصالحين  Alarm10الثلاثاء 18 يناير 2011, 6:55 pm

كتاب رياض الصالحين

باب الصدق والمراقبة وباب في التقوي وباب في اليقين والتوكل والاستقامة



*2* 4 - باب الصدق

@قال اللَّه تعالى (التوبة 119): {يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللَّه، وكونوا مع الصادقين}.

وقال تعالى (الأحزاب 35): {والصادقين والصادقات}.

وقال تعالى (محمد 21): {فلو صدقوا اللَّه لكان خيرا لهم}.

وأما الأحاديث:

54 - فالأول عَنْ ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إن الصدق يهدي إِلَى البر وإن البر يهدي إِلَى الجنة؛ وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند اللَّه صديقا، وإن الكذب يهدي إِلَى الفجور وإن الفجور يهدي إِلَى النار؛ وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند اللَّه كذابا> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

55 - الثاني عَنْ أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال حفظت مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <دع ما يريبك إِلَى ما لا يريبك؛ فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة> رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وقال حديث صحيح.

قوله: <يريبك> بفتح الياء وضمها. ومعناه: اترك ما تشك في حله واعدل إِلَى ما لا تشك فيه.

56 - الثالث عَنْ أبي سفيان صخر بن حرب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في حديثه الطويل في قصة هرقل قال هرقل: فماذا يأمركم (يعني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) قال أبو سفيان: قلت يقول <اعبدوا اللَّه وحده لا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

57 - الرابع عَنْ أبي ثابت. وقيل أبي سعيد. وقيل أبي الوليد سهل بن حنيف وهو بدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من سأل اللَّه تعالى الشهادة بصدق بلغه اللَّه منازل الشهداء وإن مات عَلَى فراشه> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

58 - الخامس عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <غزا نبي مِنْ الأنبياء صلوات اللَّه وسلامه عليهم فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها، ولا أحد بنى بيوتا لم يرفع شقوفها، ولا أحد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر أولادها. فغزا فدنا مِنْ القرية صلاة العصر أو قريبا مِنْ ذلك فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور اللَّهم احبسها علينا. فحبست حتى فتح اللَّه عليه فجمع الغنائم فجاءت (يعني النار) لتأكلها فلم تطعمها فقال: إن فيكم غلولا فليبايعني مِنْ كل قبيلة رجل، فلزقت يد رجل بيده فقال: فيكم الغلول فلتبايعني قبيلتك، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده فقال: فيكم الغلول. فجاءوا برأس مثل رأس بقرة مِنْ الذهب فوضعها فجاءت النار فأكلتها. فلم تحل الغنائم لأحد قبلنا، ثم أحل اللَّه لنا الغنائم، لما رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

و <الخلفات> بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام: جمع خلفة وهي الناقة الحامل.

59 - السادس عَنْ أبي خالد حكيم بن حزام رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

*2* 5 - باب المراقبة

@قَالَ اللَّه تعالى (الشعراء 219، 220): {الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين}.

وقَالَ تعالى (الحديد 4): {وهو معكم أينما كنتم}.

وقَالَ تعالى (آل عمران 6): {إن اللَّه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء}.

وقَالَ تعالى (الفجر 14): {إن ربك لبالمرصاد}.

وقَالَ تعالى (غافر 19): {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور}.

والآيات في الباب كثيرة معلومة.

60 - وأما الأحاديث فالأول عَنْ عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بينما نحن عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إِلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأسند ركبتيه إِلَى ركبتيه ووضع كفيه عَلَى فخذيه وقَالَ: يا محمد أخبرني عَنْ الإسلام؟ فقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رَسُول اللَّهِ، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا> قَالَ صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه! قَالَ: فأخبرني عَنْ الإيمان؟ قَالَ: <أن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر؛ وتؤمن بالقدر خيره وشره> قَالَ صدقت. قَالَ: فأخبرني عَنْ الإحسان؟ قَالَ: <أن تعبد اللَّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك> قَالَ: فأخبرني عَنْ الساعة؟ قَالَ: <ما المسئول عَنْها بأعلم مِنْ السائل> قَالَ: فأخبرني عَنْ أماراتها؟ قَالَ: <أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان!> ثم انطلق فلبثت مليا ثم قَالَ: <يا عمر أتدري مِنْ السائل؟> قلت : اللَّه ورسوله أعلم. قَالَ: <فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ومعنى <تلد الأمة ربتها> : أي سيدتها. ومعناه: أن تكثر السراري حتى تلد الأمة السرية بنتا لسيدها وبنت السيد في معنى السيد. وقيل غير ذلك.

و <العالة> : الفقراء.

وقوله <مليا> أي زمانا طويلا، وكان ذلك ثلاثا.

61 - الثاني عَنْ أبي ذر جندب بن جنادة وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ: <اتق اللَّه حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن> رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

62 - الثالث عَنْ ابن عباس رَسُول اللَّهِ قَالَ: كنت خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يوما فقَالَ: <يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ اللَّه يحفظك، احفظ اللَّه تجده تجاهك، إذا سألت فسأل اللَّه، وإذا استعنت فاستعَنْ باللَّه، واعلم أن الأمة لو اجتمعت عَلَى أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللَّه لك، وإن اجتمعوا عَلَى أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه اللَّه عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف> رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.

وفي رواية غير الترمذي: <احفظ اللَّه تجده أمامك، تعرف إِلَى اللَّه في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا> .

63 - الرابع عَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم مِنْ الشعر كنا نعدها عَلَى عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مِنْ الموبقات> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

وقَالَ <الموبقات> : المهلكات.

64 - الخامس عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ: <إن اللَّه تعالى يغار، وغيرة اللَّه أن يأتي المرء ما حرم اللَّه عليه> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

و <الغيرة> بفتح الغين وأصلها الأنفة.

65 - السادس عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <إن ثلاثة مِنْ بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى أراد اللَّه أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا. فأتى الأبرص فقَالَ: أي شيء أحب إليك؟ قَالَ: لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس. فمسحه فذهب عَنْه قذره وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا. قال: فأي المال أحب إليك؟ قَالَ: الإبل أو قَالَ البقر. (شك الراوي) فأعطي ناقة عشراء فقَالَ بارك اللَّه لك فيها.

فأتى الأقرع فقَالَ: أي شيء أحب إليك؟ قَالَ: شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس. فمسحه فذهب عَنْه وأعطي شعرا حسنا. قَالَ: فأي المال أحب إليك؟ قَالَ: البقر فأعطي بقرة حاملا قَالَ بارك اللَّه لك فيها.

فأتى الأعمى فقَالَ: أي شيء أحب إليك؟ قَالَ: أن يرد اللَّه إلي بصري فأبصر الناس. فمسحه فرد اللَّه إليه بصره. قَالَ: فأي المال أحب إليك؟ قَالَ: الغنم. فأعطي شاة والدا. فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا واد مِنْ الإبل ولهذا واد مِنْ البقر ولهذا واد مِنْ الغنم. ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقَالَ: رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا باللَّه ثم بك أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ به في سفري. فقَالَ: الحقوق كثيرة. فقَالَ: كأني أعرفك: ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيرا فأعطاك اللَّه؟ فقَالَ: إنما ورثت هذا المال كابرا عَنْ كابر. فقَالَ: إن كنت كاذبا فصيرك اللَّه إِلَى ما كنت. وأتى الأقرع في صورته وهيئته فقَالَ له مثل ما قَالَ لهذا ورد عليه مثل ما رد هذا. فقَالَ: إن كنت كاذبا فصيرك اللَّه إِلَى ما كنت.

وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقَالَ: رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا باللَّه ثم بك أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري. فقَالَ: قد كنت أعمى فرد اللَّه إلي بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت فواللَّه لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله عَزَّ وَجَلَّ. فقَالَ: أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي عَنْك وسخط عَلَى صاحبيك> مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

و <الناقة العشراء> بضم العين وفتح الشين وبالمد وهي: الحامل.

قوله <أنتج> وفي رواية <فنتج> معناه: تولى نتاجها. والناتج للناقة كالقابلة للمرأة.

وقوله <ولد هذا> هو بتشديد اللام: أي: تولى ولادتها. وهو بمعنى أنتج في الناقة. فالمولد والناتج والقابلة بمعنى لكن هذا للحيوان وذاك لغيره.

قوله <انقطعت بي الحبال> هو بالحاء المهملة والباء الموحدة: أي الأسباب.

وقوله <لا أجهدك> معناه: لا أشق عليك في رد شيء تأخذه أو تطلبه مِنْ مالي. وفي رواية البخاري <لا أحمدك> بالحاء المهملة والميم ومعناه: لا أحمدك بترك شيء تحتاج إليه، كما قَالَوا: ليس عَلَى طول الحياة ندم: أي عَلَى فوات طولها.

66 - السابع عَنْ أبي يعلى شداد بن أوس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ: <الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى عَلَى اللَّه!> رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

قَالَ الترمذي وغيره مِنْ العلماء: معنى <دان نفسه> : حاسبها.

67 - الثامن عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه> حديث حسن رواه الترمذي وغيره.

68 - التاسع عَنْ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ: <لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته> رواه أبو داود وغيره.

*2* 6 - باب التقوى

@قال اللَّه تعالى (آل عمران 102): {يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللَّه حق تقاته}.

وقال تعالى (التغابن 16): {فاتقوا اللَّه ما استطعتم}.

وهذه الآية مبينة للمراد من الأولى.

وقال اللَّه تعالى (الأحزاب 70): {يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللَّه، وقولوا قولا سديدا}.

والآيات في الأمر بالتقوى كثيرة معروفة.

وقال تعالى (الطلاق 2، 3): {ومن يتق اللَّه يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

وقال تعالى (الأنفال 29): {إن تتقوا اللَّه يجعل لكم فرقانا، ويكفر عنكم سيئاتكم. ويغفر لكم، والله ذو الفضل العظيم}.

والآيات في الباب كثيرة معلومة.

69 - وأما الأحاديث: فالأول عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قيل: يا رَسُول اللَّهِ من أكرم الناس؟ قال: <أتقاهم> فقالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: <فيوسف نبي اللَّه بن نبي اللَّه بن نبي اللَّه بن خليل اللَّه> قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: <فعن معادن العرب تسألوني؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

و <فقهوا> بضم القاف على المشهور وحكي كسرها: أي علموا أحكام الشرع.

70 - الثاني عن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إن

الدنيا حلوة خضرة، وإن اللَّه مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

71 - الثالث عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقول: <اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

72 - الرابع عن أبي طريف عدي بن حاتم الطائي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <من حلف على يمين ثم رأى أتقى لله منها فليأت التقوى> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

73 - الخامس عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يخطب في حجة الوداع فقال: <اتقوا اللَّه وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، وأطيعوا أمراءكم، تدخلوا جنة ربكم> رَوَاهُ التَّرْمِذِيُّ في آخر كتاب الصلاة وَقَالَ حَدِيثُ حَسَنٌ صحيح.

*2* 7 - باب اليقين والتوكل

@قال اللَّه تعالى (الأحزاب 22): {ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا اللَّه ورسوله وصدق اللَّه ورسوله، وما زادهم إلا إيمانا وتسليما}.

وقال تعالى (آل عمران 173، 174): {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيمانا، وقالوا: حسبنا اللَّه ونعم الوكيل. فانقلبوا بنعمة من اللَّه وفضل لم يمسسهم سوء، واتبعوا رضوان اللَّه، والله ذو فضل عظيم}.

وقال تعالى (الفرقان 58): {وتوكل على الحي الذي لا يموت}.

وقال تعالى (إبراهيم 11): {وعلى اللَّه فليتوكل المؤمنون}.

وقال تعالى (آل عمران 159): {فإذا عزمت فتوكل على اللَّه}.

والآيات في الأمر بالتوكل كثيرة معلومة.

وقال تعالى (الطلاق 3): {ومن يتوكل على اللَّه فهو حسبه}: أي كافيه.

وقال تعالى (الأنفال 2): {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اللَّه وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا، وعلى ربهم يتوكلون}.

والآيات في فضل التوكل كثيرة معروفة.

وأما الأحاديث:

74 - فالأول عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّم: <عرضت على الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي ليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه ولكن انظر إلى الأفق. فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئاً، وذكروا أشياء فخرج عليهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: <ما الذي تخوضون فيه؟> فأخبروه فقال: <هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون> فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع اللَّه أن يجعلني منهم. فقال: <أنت منهم> ثم قام رجل آخر فقال: ادع اللَّه أن يجعلني منهم. فقال: <سبقك بها عكاشة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<الرهيط> بضم الراء: تصغير رهط: وهم دون العشرة أنفس.

و <الأفق> : الناحية والجانب.

و <عكاشة> بضم العين وتشديد الكاف وبتخفيفها والتشديد أفصح.

75 - الثاني عن ابن عباس أيضا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقول: <اللهم لك أسلمت، بك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، اللهم أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا تموت والجن الإنس يموتون> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وهذا لفظ مسلم واختصره البخاري.

76 - الثالث عن ابن عباس أيضا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: < حسبنا اللَّه ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حين قالوا: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا اللَّه ونعم الوكيل> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وفي رواية له عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال: <كان آخر قول إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حين ألقي في النار <حسبي اللَّه ونعم الوكيل> .

77 - الرابع عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قيل معناه: متوكلون. وقيل: قلوبهم رقيقة.

78 - الخامس عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه غزا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قبل نجد فلما قفل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قفل معهم فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه، فنزل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وتفرق الناس يستظلون بالشجر، ونزل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم تحت سمرة فعلق بها سيفه، ونمنا نومة فإذا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يدعونا وإذا عنده أعرابي فقال: <إن هذا اخترط علي سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا قال: من يمنعك مني؟ قلت: اللَّه ثلاثا> ولم يعاقبه وجلس. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية قال جابر: كنا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بذات الرقاع فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فجاء رجل من المشركين وسيف رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم معلق بالشجرة فاخترطه فقال: تخافني؟ قال <لا> فقال: فمن يمنعك مني؟ قال <اللَّه> وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في صحيحه فقال: من يمنعك مني؟ قال <اللَّه> فسقط السيف من يده فأخذ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم السيف فقال: <من يمنعك مني؟> فقال: كن خير آخذ. فقال: <تشهد أن لا إله إلا اللَّه وأني رسول اللَّه؟> قال: لا ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك. فخلى سبيله، فأتى أصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس.

قوله <قفل> : أي رجع.

و <العضاه> : الشجر الذي له شوك.

و <السمرة> بفتح السين وضم الميم: الشجرة من الطلح وهي العظام من شجر العضاه.

و <اخترط السيف> أي سله وهو في يده.

<صلتا> : أي مسلولا. وهو بفتح الصاد وضمها.

79 - السادس عن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <لو أنكم تتوكلون على اللَّه حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير: تغدو خماصا وتروح بطانا> رَوَاهُ التَّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثُ حَسَنٌ.

معناه: تذهب أول النهار <خماصا> : أي ضامرة البطون من الجوع.

ترجع آخر النهار <بطانا> : أي ممتلئة البطون.

80 - السابع عن أبي عمارة البراء بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <يا فلان إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت. فإنك إن مت من ليلتك مت على الفطرة، وإن أصبحت أصبت خيرا> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية في الصحيحين عن البراء قال، قال لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إذا آتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل> وذكر نحوه. ثم قال <واجعلهن آخر ما تقول> .

81 - الثامن عن أبي بكر الصديق عبد اللَّه بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن

تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وهو وأبوه وأمه صحابة، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم قال نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا فقلت: يا رَسُول اللَّهِ لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا. فقال: <ما ظنك يا أبا بكر باثنين اللَّه ثالثهما> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

82 - التاسع عن أم المؤمنين أم سلمة، واسمها هند بنت أبي أمية حذيفة المخزومية رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كان إذا خرج من بيته قال: بسم اللَّه توكلت على اللَّه، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي> حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة. قال الترمذي حديث حسن صحيح. وهذا لفظ أبي داود.

83 - العاشر عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من قال (يعني إذا خرج من بيته): بسم اللَّه، توكلت على اللَّه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. يقال له: هديت وكفيت ووقيت، وتنحى عنه الشيطان> رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم وقال الترمذي حديث حسن. زاد أبو داود: فيقول (يعني الشيطان) لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي؟> .

84 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: <كان أخوان على عهد النبيِِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكان أحدهما يأتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم والآخر يحترف، فشكا المحترف أخاه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: <لعلك ترزق به> رَوَاهُ التَّرْمِذِيُّ بإسناد صحيح على شرط مسلم.

<يحترف> : يكتسب ويتسبب.

*2* 8 - باب الاستقامة

@قال اللَّه تعالى (هود 112): {فاستقم كما أمرت}.

وقال تعالى (فصلت 30، 31، 32): {إن الذين قالوا ربنا اللَّه ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم، ولكم فيها ما تدعون، نزلا من غفور رحيم}.

وقال تعالى (الأحقاف 13، 14): {إن الذين قالوا ربنا اللَّه ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون}.

85 - وعن أبي عمرو. وقيل: أبي عمرة سفيان بن عبد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قلت: يا رَسُول اللَّهِ قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك. قال: <قل آمنت بالله ثم استقم> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

86 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <قاربوا، وسددوا، واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله> قالوا: ولا أنت يا رَسُول اللَّهِ؟ قال: <ولا أنا إلا أن يتغمدني اللَّه برحمة منه وفضل> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

و <المقاربة> : القصد الذي لا غلو فيه ولا تقصير.

و <السداد> : الاستقامة والإصابة.

و <يتغمدني> : يلبسني ويسترني.

قال العلماء: الاستقامة: لزوم طاعة اللَّه تعالى. قالوا: وهي من جوامع الكلم، وهي نظام الأمور، وبالله التوفيق.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو قمر
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات
أبو قمر

مصر
ذكر
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
عدد المساهمات : 102
نقاط : 173
الابراج : السرطان
المزاج : إن مع العسر يسرا
العمر : 52
تعاليق : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
رسالة sms : النص
الموقع : http://aldiaa4u.forumegypt.net/forum
دعاء  : كتاب رياض الصالحين  189356125
كتاب رياض الصالحين  IKmsQ6 اوسمتي : كتاب رياض الصالحين  MAll6كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام

كتاب رياض الصالحين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب رياض الصالحين    كتاب رياض الصالحين  Alarm10الثلاثاء 18 يناير 2011, 7:41 pm

كتاب رياض الصالحين

باب التفكر في عظيم مخلوقات اللَّه والمبادرة إلى الخيرات في المجاهدة وباب الحث على الازدياد من الخي باب في بيان كثرة طرق الخير



*2* 9 – باب التفكر في عظيم مخلوقات اللَّه تعالى وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس وتهذيبها وحملها على الاستقامة

@قال اللَّه تعالى (سبأ 46): {قل إنما أعظكم بواحدة: أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا}.

وقال تعالى (آل عمران 190، 191): {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون اللَّه قياما وقعودا وعلى جنوبهم، ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك}. الآيات.

وقال تعالى (الغاشية 17 - 21): {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت، وإلى الجبال كيف نصبت، وإلى الأرض كيف سطحت، فذكر إنما أنت مذكر}.

وقال تعالى (محمد 10): {أفلم يسيروا في الأرض فينظرا} الآية.

والآيات في الباب كثيرة.

ومن الأحاديث الحديث السابق (رقم 66): <الكيس من دان نفسه> .

*2* 10 - باب المبادرة إلى الخيرات وحث من توجه لخير على الإقبال عليه بالجد من غير تردد

@قال اللَّه تعالى (البقرة 148): {فاستبقوا الخيرات}.

وقال تعالى (آل عمران 133): {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين}.

87 - وأما الأحاديث: فالأول عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم: يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا؛ يبيع دينه بعرض من الدنيا!> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

88 - الثاني عن أبي سروعة <بكسر السين المهملة وفتحها> عقبة بن الحارث رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: صليت وراء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بالمدينة العصر فسلم ثم قام مسرعا فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته. قال: <ذكرت شيئا من تبر عندنا فكرهت أن يحبسني فأمرت بقسمته> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وفي رواية له: <كنت خلفت في البيت تبرا من الصدقة فكرهت أن أبيته> .

<التبر> : قطع ذهب أو فضة.

89 - الثالث عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رجل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يوم أحد: أرأيت إن قتلت فأين أنا؟ قال: <في الجنة> فألقى تمرات كن في يده ثم قاتل حتى قتل. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

90 - الرابع عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا رَسُول اللَّهِ أي الصدقة أعظم أجرا؟ قال: <أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<الحلقوم> : مجرى النفس. والمريء: مجرى الطعام والشراب.

91 - الخامس عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أخذ سيفا يوم أحد فقال: <من يأخذ مني هذا؟> فبسطوا أيديهم كل إنسان منهم يقول: أنا أنا. فقال: <فمن يأخذه بحقه؟> فأحجم القوم. فقال أبو دجانة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أنا آخذه بحقه. فأخذه ففلق به هام المشركين. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

اسم أبي دجانة: سماك بن خرشة.

قوله <أحجم القوم> : أي توقفوا.

و <فلق به> : أي شق.

<هام المشركين> : أي رؤوسهم.

92 - السادس عن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فشكونا الذي نلقى من الحجاج. فقال: <اصبروا فإنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم> سمعته من نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

93 - السابع عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <بادروا بالأعمال سبعا: هل تنتظرون إلا فقرا منسيا، أو غنى مطغيا، أو مرضا مفسدا، أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر> رَوَاهُ التَّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثُ حَسَنٌ.

94 - الثامن عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال يوم خيبر: <لأعطين هذه الراية رجلا يحب اللَّه ورسوله، يفتح اللَّه على يديه> قال عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فتساورت لها رجاء أن أدعى لها. فدعا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم علي ابن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فأعطاه إياها وقال: <امش ولا تلتفت حتى يفتح اللَّه عليك> فسار علي شيئا ثم وقف ولم يلتفت فصرخ: يا رَسُول اللَّهِ على ماذا أقاتل الناس؟ قال: <قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على اللَّه> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قوله <فتساورت> هو بالسين المهملة: أي وثبت متطلعا.

*2* 11 - باب المجاهدة

@قال اللَّه تعالى (العنكبوت 69): {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن اللَّه لمع المحسنين}.

وقال تعالى (الحجر 99): {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.

وقال تعالى (المزمل 8): {واذكر اسم ربك، وتبتل إليه تبتيلا} أي انقطع إليه.

وقال تعالى (الزلزلة 7): {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}.

وقال تعالى (المزمل 20): {وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند اللَّه هو خيرا وأعظم أجرا}.

وقال تعالى (البقرة 273): {وما تنفقوا من خير فإن اللَّه به عليم}.

والآيات في الباب كثيرة معلومة.

95 - وأما الأحاديث: فالأول عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إن اللَّه تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه. وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه: فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

<آذنته> : أعلمته بأني محارب له.

<استعاذني> روي بالنون وبالباء.

96 - الثاني عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فيما يرويه عن ربه عَزَّ وَجَلَّ قال: <إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

97 - الثالث عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

98 - الرابع عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لم تصنع هذا يا رَسُول اللَّهِ وقد غفر اللَّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: <أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. هذا لفظ البخاري. ونحوه في الصحيحين من رواية المغيرة بن شعبة.

99 - الخامس عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد وشد المئزر> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

والمراد العشر الأواخر من شهر رمضان.

و <المئزر> : الإزار وهو: كناية عن اعتزال النساء. وقيل المراد: تشميره للعبادة. يقال: شددت لهذا الأمر مئزري: أي تشمرت وتفرغت له.

100 - السادس عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <المؤمن القوي خير وأحب إلى اللَّه من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر اللَّه وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

101 - السابع عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لمسلم: <حفت> بدل <حجبت> وهو بمعناه: أي بينه وبينها هذا الحجاب فإذا فعله دخلها.

102 - الثامن عن أبي عبد اللَّه حذيفة بن اليمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا: إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: <سبحان ربي العظيم> فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال <سمع اللَّه لمن حمده ربنا لك الحمد> ثم قام قياما طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد فقال: <سبحان ربي الأعلى> فكان سجوده قريبا من قيامه. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

103 - التاسع عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ليلة فأطال القيام حتى هممت بأمر سوء. قيل: وما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

104 - العاشر عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله؛ فيرجع اثنان ويبقى واحد: يرجع أهله وماله ويبقى عمله> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

105 - الحادي عشر عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

106 - الثاني عشر عن أبي فراس ربيعة بن كعب الأسلمي خادم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ومن أهل الصفة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم قال: كنت أبيت مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فآتيه بوضوئه وحاجته. فقال: <سلني> فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. فقال: <أو غير ذلك؟> قلت: هو ذاك. قال: <فأعني على نفسك بكثرة السجود> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

107 - الثالث عشر عن أبي عبد اللَّه، ويقال: أبو عبد الرحمن ثوبان مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <عليك بكثرة السجود؛ فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك اللَّه بها درجة، وحط عنك بها خطيئة> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

108 - الرابع عشر عن أبي صفوان عبد اللَّه بن بسر الأسلمي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <خير الناس من طال عمره وحسن عمله> رَوَاهُ التَّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثُ حَسَنٌ.

109 - الخامس عشر عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال غاب عمي أنس بن النضر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن قتال بدر فقال: يا رَسُول اللَّهِ غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن اللَّه أشهدني قتال المشركين ليرين اللَّه ما أصنع. فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون، فقال: اللهم أعتذر إليك مما صنع هؤلاء (يعني أصحابه) وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء (يعني المشركين) ثم تقدم فاستقبله سعد ابن معاذ فقال: يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد! فقال سعد: فما استطعت يا رَسُول اللَّهِ ما صنع! قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه. قال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه (الأحزاب 23): {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا اللَّه عليه} إلى آخرها. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قوله <ليرين اللَّه> روي بضم الياء وكسر الراء: أي ليظهرن اللَّه ذلك للناس. وروي بفتحهما ومعناه ظاهر، والله أعلم.

110 - السادس عشر عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل على ظهورنا، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير فقالوا: مراء، وجاء رجل آخر فتصدق بصاع، فقالوا: إن اللَّه لغني عن صاع هذا! فنزلت (التوبة 79): {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم} الآية، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [هذا لفظ البخاري].

و <نحامل> بضم النون، وبالحاء المهملة : أي يحمل أحدنا على ظهره بالأجرة ويتصدق بها.

111 - السابع عشر عن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر جندب بن جنادة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فيما يروي عن اللَّه تبارك وتعالى أنه قال: <يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد اللَّه ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه> قال سعيد: كان أبو إدريس إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه اللَّه قال: ليس لأهل الشام حديث أشرف من هذا الحديث.

*2* 12 - باب الحث على الازدياد من الخير في أواخر العمر

@قال اللَّه تعالى (فاطر 37): {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير}

قال ابن عباس والمحققون: معناه: أولم نعمركم ستين سنة، ويؤيده الحديث الذي سنذكره إن شاء اللَّه تعالى. وقيل معناه: ثماني عشرة سنة. وقيل: أربعين سنة. قاله الحسن والكلبي ومسروق، ونقل عن ابن عباس أيضاً، ونقلوا أن أهل المدينة كانوا إذا بلغ أحدهم أربعين سنة تفرغ للعبادة. وقيل هو: البلوغ. وقوله تعالى: {وجاءكم النذير} قال ابن عباس والجمهور: هو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. وقيل: الشيب. قاله عكرمة وابن عيينة وغيرهما، والله أعلم.

112 - وأما الأحاديث فالأول عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <أعذر اللَّه إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

قال العلماء: معناه: لم يترك له عذراً إذ أمهله هذه المدة. يقال: أعذر الرجل إذا بلغ الغاية في العذر.

113 - الثاني عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كان عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال: لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم. فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم. قال: ما تقولون في قول اللَّه تعالى: {إذا جاء يصر اللَّه والفتح}؟ فقال بعضهم: أمرنا نحمد اللَّه ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً. فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس؟ فقلت لا. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أعلمه له؛ قال: {إذا جاء نصر اللَّه والفتح} وذلك علامة أجلك {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً} [الفتح: 3] فقال عمر رَضِيّ اللَّهُ عَنْهُ: ما أعلم منها إلا ما تقول. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

114 - الثالث عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: ما صلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم صلاة بعد أن نزلت عليه {إذا جاء نصر اللَّه والفتح} إلا يقول فيها <سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية في الصحيحين عنها: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده <سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي> يتأول القرآن. معنى <يتأول القرآن> : أي يعمل ما أمر به في القرآن في قوله تعالى: {فسبح بحمد ربك واستغفره}

وفي رواية لمسلم: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يكثر أن يقول قبل أن يموت <سبحانك وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك> قالت عائشة قلت: يا رَسُول اللَّهِ ما هذه الكلمات التي أراك أحدثتها تقولها؟ قال: <جعلت لي علامة في أمتي إذا رأيتها قلتها {إذا جاء نصر اللَّه والفتح} إلى آخر السورة.

وفي رواية له: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يكثر من قول: <سبحان اللَّه وبحمده أستغفر اللَّه وأتوب إليه> قالت قلت: يا رَسُول اللَّهِ أراك تكثر من قول <سبحان اللَّه وبحمده أستغفر اللَّه وأتوب إليه> ؟ فقال: <أخبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان اللَّه وبحمده، أستغفر اللَّه وأتوب إليه. فقد رأيتها {إذا جاء نصر اللَّه والفتح}: فتح مكة {ورأيت الناس يدخلون في دين اللَّه أفواجاً، فسبح بحمد ربك، واستغفره إنه كان تواباً}.

115 - الرابع عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ تابع الوحي على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قبل وفاته حتى توفي أكثر ما كان الوحي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

116 - الخامس عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: يبعث كل عبد على ما مات عليه> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

*2* 13 - باب بيان كثرة طرق الخير

@قال اللَّه تعالى (البقرة 215): {وما تفعلوا من خير فإن اللَّه به عليم}.

وقال تعالى (البقرة 197): {وما تفعلوا من خير يعلمه اللَّه}.

وقال تعالى (الزلزلة 7): {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره}.

وقال تعالى (الجاثية 15): {من عمل صالحاً فلنفسه}.

والآيات في الباب كثيرة.

117 - وأما الأحاديث فكثيرة جداً وهي غير منحصرة فنذكر طرفاً منها:

الأول عن أبي ذر جندب بن جنادة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قلت: يا رَسُول اللَّهِ أي الأعمال أفضل؟ قال: <الإيمان بالله والجهاد في سبيله> قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: <أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمناً> قلت: فإن لم أفعل؟ قال: <تعين صانعاً أو تصنع لأخرق> قلت: يا رَسُول اللَّهِ أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال: <تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<الصانع> بالصاد المهملة هذا هو المشهور. وروي <ضائعاً> بالمعجمة: أي ذا ضياع من فقر أو عيال ونحو ذلك.

و <الأخرق> : الذي لا يتقن ما يحاول فعله.

118 - الثاني عن أبي ذر أيضاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة؛ ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

<السلامى> بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم: المفصل.

119 - الثالث عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

120 - الرابع عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن ناساً قالوا: يا رَسُول اللَّهِ ذهب أهل الدثور بالأجور:

يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم. قال: <أوليس قد جعل اللَّه لكم ما تصدقون به: إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة> قالوا: يا رَسُول اللَّهِ أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: <أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

<الدثور> بالثاء المثلثة: الأموال واحدها دثر.

121 - الخامس عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال لي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

122 - السادس عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس: يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو يرفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ورَوَاهُ مُسْلِمٌ أيضاً من رواية عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل. فمن كبر اللَّه، وحمد اللَّه، وهلل اللَّه، وسبح اللَّه، واستغفر اللَّه، وعزل حجراً عن طريق الناس، أو شوكة أو عظماً عن طريق الناس، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر عدد الستين والثلاثمائة فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار> .

123 - السابع عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من غدا إلى المسجد أو راح أعد اللَّه له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<النزل> : القوت والرزق وما يهيأ للضيف.

124 - الثامن عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قال الجوهري: الفرسن من البعير كالحافر من الدابة. قال: وربما استعير في الشاة.

125 - التاسع عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة: فأفضلها قول لا إله إلا اللَّه، وأدناها إماطة الأذى الطريق. والحياء شعبة من الإيمان> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<البضع> : من ثلاثة إلى تسعة بكسر الباء وقد تفتح.

و <الشعبة> : القطعة.

126 - العاشر عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش. فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر اللَّه له فغفر له> قالوا: يا رَسُول اللَّهِ إن لنا في البهائم أجراً؟ فقال: <في كل كبد رطبة أجر> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية للبخاري: <فشكر اللَّه له فغفر له فأدخله الجنة>

وفي رواية لهما <بينما كلب يطيف بركية قد كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به فسقته فغفر لها به> .

<الموق> : الخف.

و <يطيف> : يدور حول

<ركية> وهي: البئر.

127 - الحادي عشر عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وفي رواية له: <مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنة>

وفي رواية لهما <بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر اللَّه له فغفر له> .

128 - الثاني عشر عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصا فقد لغا> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

129 - الثالث عشر عنه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

130 - الرابع عشر عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

131 - الخامس عشر عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ألا أدلكم على ما يمحو اللَّه به الخطايا ويرفع به الدرجات؟> قالوا: بلى يا رَسُول اللَّهِ. قال: <إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

132 - السادس عشر عن أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من صلى البردين دخل الجنة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<البردان> : الصبح والعصر.

133 - السابع عشر عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

134 - الثامن عشر عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <كل معروف صدقة> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. ورَوَاهُ مُسْلِمٌ من رواية حذيفة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

135 - التاسع عشر عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وفي رواية له: <فلا يغرس المسلم غرساً فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة>

وفي رواية له: <لا يغرس مسلم غرساً ولا يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة> وروياه جميعاً من رواية أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

قوله <يرزؤه> : أي ينقصه.

136 - العشرون عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد فبلغ ذلك رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال لهم: <إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟> فقالوا: نعم يا رَسُول اللَّهِ قد أردنا ذلك. فقال: <بني سلمة: دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وفي رواية: <إن بكل خطوة درجة> ورَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أيضاً بمعناه من رواية أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

و <بنو سلمة> : قبيلة معروفة من الأنصار رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

و <آثارهم> : خطاهم.

137 - الحادي والعشرون عن أبي المنذر أبي بن كعب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه وكان لا تخطئه صلاة، فقيل له أو فقلت له: لو اشتريت حماراً تركبه

في الظلماء وفي الرمضاء؟ فقال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <قد جمع اللَّه لك ذلك كله> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وفي رواية: <إن لك ما احتسبت> .

<الرمضاء> : الأرض التي أصابها الحر الشديد.

138 - الثاني والعشرون عن أبي محمد عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أربعون خصلة أعلاها منيحة العنز ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله اللَّه بها الجنة> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

<المنيحة> : أن يعطيه إياها ليأكل لبنها ثم يردها إليه.

139 - الثالث والعشرون عن عدي بن حاتم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <اتقوا النار ولو بشق تمرة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لهما عنه قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة> .

140 - الرابع والعشرون عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إن اللَّه ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

<الأكلة> بفتح الهمزة: هي الغدوة أو العشوة.

141 - الخامس والعشرون عن أبي موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <على كل مسلم صدقة> قال: أرأيت إن لم يجد؟ قال: <يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق> قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: <يعين ذا الحاجة الملهوف> قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: <يأمر بالمعروف أو الخير> قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: <يمسك عن الشر فإنها صدقة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو قمر
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات
أبو قمر

مصر
ذكر
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
عدد المساهمات : 102
نقاط : 173
الابراج : السرطان
المزاج : إن مع العسر يسرا
العمر : 52
تعاليق : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
رسالة sms : النص
الموقع : http://aldiaa4u.forumegypt.net/forum
دعاء  : كتاب رياض الصالحين  189356125
كتاب رياض الصالحين  IKmsQ6 اوسمتي : كتاب رياض الصالحين  MAll6كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام

كتاب رياض الصالحين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب رياض الصالحين    كتاب رياض الصالحين  Alarm10الخميس 20 يناير 2011, 7:14 pm

كتاب رياض الصالحين

باب الاقتصاد في العبادة باب المحافظة على السنة وآدابها باب وجوب الانقياد لحكم الله باب النهي عن البدع باب من سن سنة حسنة باب في الدلالة على الخير



*2* 14 - باب الاقتصاد في العبادة

@قال اللَّه تعالى (طه 1، 2): {طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.

وقال تعالى (البقرة 185): {يريد اللَّه بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}.

142 - وعن عائشة رَضِيِ اللَّهُ عَنْها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم دخل عليها وعندها امرأة. قال: <من هذه؟> قالت: هذه فلانة تذكر من صلاتها. قال: <مه عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل اللَّه حتى تملوا> وكان أحب الدين إليه ما داوم صاحبه عليه. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

و <مه> : كلمة نهي وزجر.

ومعنى <لا يمل الله> : لا يقطع ثوابه عنكم وجزاء أعمالكم ويعاملكم معاملة المالّ <حتى تملوا> فتتركوا. فينبغي لكم أن تأخذوا ما تطيقون الدوام عليه ليدوم ثوابه لكم وفضله عليكم.

143 - وعن أنس رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: <جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يسألون عن عبادة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فلما أخبروا كأنهم تقالوها وقالوا: أين نحن من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً. وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إليهم فقال: <أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني!> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

144 - وعن ابن مسعود رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <هلك المتنطعون!> قالها ثلاثاً. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

<المتنطعون> : المتعمقون المشددون في غير موضع التشديد.

145 - وعن أبي هريرة رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إن الدين يسر، ولن يشاد الدين إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وفي رواية له: <سددوا، وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة؛ القصد القصد تبلغوا>

قوله <الدين> هو مرفوع على ما لم يسم فاعله. وروي منصوباً. وروي <لن يشاد الدين أحد> .

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إلا غلبه> : أي غلبه الدين وعجز ذلك المشاد عن مقاومة الدين لكثرة طرقه.

و <الغدوة> : سير أول النهار.

و <الروحة> آخر النهار.

و <الدلجة> آخر الليل. وهذا استعارة وتمثيل. ومعناه: استعينوا على طاعة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بالأعمال في وقت نشاطكم وفراغ قلوبكم بحيث تستلذون العبادة ولا تسأمون وتبلغون مقصودكم، كما أن المسافر الحاذق يسير في هذه الأوقات ويستريح هو ودابته في غيرها فيصل المقصود بغير تعب، والله أعلم.

146 - وعن أنس رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: دخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم المسجد فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: <ما هذا الحبل؟> قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت به. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <حلوه، ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

147 - وعن عائشة رَضِيِ اللَّهُ عَنْها أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم؛ فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

148 - وعن أبي عبد اللَّه جابر بن سمرة رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنت أصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الصلوات فكانت صلاته قصداً، وخطبته قصداً> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قوله <قصداً> : أي بين الطول والقصر.

149 - وعن أبي جحيفة وهب بن عبد اللَّه رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: آخى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً فقال له: كل فإني صائم. قال: ما أنا بآكل حتى نأكل. فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال: نم. فنام، ثم ذهب يقوم فقال له: نم. فلما كان آخر الليل قال سلمان: قم الآن. فصليا جميعا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، لأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فذكر ذلك له، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <صدق سلمان> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

150 - وعن أبي محمد عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: أخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أني أقول: والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أنت الذي تقول ذلك؟> فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي يا رَسُول اللَّهِ. قال: <فإنك لا تستطيع ذلك؛ فصم وأفطر ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر> قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك. قال: <فصم يوماً وأفطر يومين> قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك. قال: <فصم يوماً وأفطر يوماً فذلك صيام داود عليه السلام وهو أعدل الصيام> وفي رواية: <هو أفضل الصيام> فقلت: فإني أطيق أفضل من ذلك. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لا أفضل من ذلك> ولأن أكون قبلت الثلاثة الأيام التي قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أحب إلي من أهلي ومالي.

وفي رواية <ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟> قلت: بلى يا رَسُول اللَّهِ. قال: <فلا تفعل؛ صم وأفطر ونم وقم؛ فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينيك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً، وإن لزورك عليك حقاً، وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإن ذلك صيام الدهر> فشدّدْت فشُدِّدَ علي. قلت: يا رَسُول اللَّهِ إني أجد قوة. قال: <صم صيام نبي اللَّه داود ولا تزد عليه> قلت: وما كان صيام داود؟ قال: <نصف الدهر> فكان عبد اللَّه يقول بعد ما كبر: يا ليتني قبلت رخصة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم!

وفي رواية: <ألم أخبر أنك تصوم الدهر، وتقرأ القرآن كل ليلة> فقلت: بلى يا رَسُول اللَّهِ ولم أرد بذلك إلا الخير. قال: <فصم صوم نبي اللَّه داود فإنه كان أعبد الناس، واقرأ القرآن في كل شهر> قلت: يا نبي اللَّه إني أطيق أفضل من ذلك؟ قال: <فاقرأه في كل عشرين> قلت: يا نبي اللَّه إني أطيق أفضل من ذلك؟ قال: <فاقرأه في كل عشر> قلت: يا نبي اللَّه إني أطيق أفضل من ذلك؟ قال: <فاقرأه في كل سبع ولا تزد على ذلك> فشَدَّدْتُ فشُدِّدَ علي، وقال لي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إنك لا تدري لعلك يطول بك عمر> قال: فصرت إلى الذي قال لي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلما كبرت وددت أني كنت قبلت رخصة نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.

وفي رواية: <وإن لولدك عليك حقاً>

وفي رواية: <لا صام من صام الأبد> ثلاثاً.

وفي رواية: <أحب الصيام إلى اللَّه صيام داود، وأحب الصلاة إلى اللَّه صلاة داود: كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، ولا يفر إذا لاقى>

وفي رواية قال: أنكحني أبي امرأة ذات حسب، وكان يتعاهد كنته: أي امرأة ولده، فيسألها عن بعلها فتقول له: نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشاً، ولم يفتش لنا كنفاً منذ أتيناه! فلما طال ذلك عليه ذكر ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: <القني به> فلقيته بعد فقال: <كيف تصوم؟> قلت: كل يوم. قال: <وكيف تختم؟> قلت: كل ليلة. وذكر نحو ما سبق. وكان يقرأ على بعض أهله السبع الذي يقرؤه يعرضه من النهار ليكون أخف عليه بالليل، وإذا أراد أن يتقوى أفطر أياماً وأحصى وصام مثلهن كراهية أن يترك شيئاً فارق عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. كل هذه الروايات صحيحة معظمها في الصحيحين وقليل منها في أحدهما.

151 - وعن أبي ربعي حنظلة بن الربيع الأسيدي الكاتب أحد كتاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: لقيني أبو بكر رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة! قال: سبحان اللَّه! ما تقول؟ قلت: نكون عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يذكرنا بالجنة والنار كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً. قال أبو بكر رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ: فوالله إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقلت: نافق حنظلة يا رَسُول اللَّهِ! فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <وما ذاك؟> قلت: يا رَسُول اللَّهِ نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة في فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة> ثلاث مرات. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قوله: <ربعي> بكسر الراء. <والأسيدي> بضم الهمزة وفتح السين وبعدها ياء مكسورة مشددة

وقوله <عافسنا> هو بالعين والسين المهملتين، : أي عالجنا ولاعبنا.

و <الضيعات> : المعايش.

152 - وعن ابن عباس رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: بينما النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

*2* 15 - باب المحافظة على الأعمال

@قال اللَّه تعالى (الحديد 16): {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر اللَّه وما نزل من الحق، ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم}.

قال تعالى (الحديد 27): {ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل، وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة، ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان اللَّه، فما رعوها حق رعايتها}.

قال تعالى (النحل 92): {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً}.

قال تعالى (الحجر 99): {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.

وأما الأحاديث فمنها حديث عائشة: وكان أحب الدين إليه ما داوم صاحبه عليه. وقد سبق في الباب قبله (حديث رقم 142) .

153 - وعن عمر بن الخطاب رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

154 - وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <يا عبد اللَّه لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

155 - وعن عائشة رَضِيِ اللَّهُ عَنْها قالت: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره صلى من النهار ثنتي [اثنتي] عشرة ركعة. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

*2* 16 - باب الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها

@قال اللَّه تعالى (الحشر 7): {وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا}.

قال تعالى (النجم 3، 4): {وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى}.

قال تعالى (آل عمران 31): {قل إن كنتم تحبون اللَّه فاتبعوني يحببكم اللَّه، ويغفر لكم ذنوبكم}.

قال تعالى (الأحزاب 21): {لقد كان لكم في رَسُول اللَّهِ أسوة حسنة لمن كان يرجو اللَّه واليوم الآخر}.

قال تعالى (النساء 65): {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت، ويسلموا تسليماً}.

قال تعالى (النساء 59): {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى اللَّه والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر}.

قال العلماء: معناه: إلى الكتاب والسنة.

قال تعالى (النساء 80): {من يطع الرسول فقد أطاع اللَّه}.

قال تعالى (الشورى 52، 53): {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}.

قال تعالى (النور 63): {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.

قال تعالى (الأحزاب 34): {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات اللَّه والحكمة}. والآيات في الباب كثيرة.

وأما الأحاديث:

156 - فالأول عن أبي هريرة رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <دعوني ما تركتكم؛ إنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

157 - الثاني عن أبي نجيح العرباض بن سارية رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: وعظنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون. فقلنا: يا رَسُول اللَّهِ كأنها موعظة مودع فأوصنا. قال: <أوصيكم بتقوى اللَّه والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد[حبشي]، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً! فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة> رواه أبو داود والترمذي وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.

<النواجذ> بالذال المعجمة: الأنياب وقيل الأضراس.

158 - الثالث عن أبي هريرة رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى> قيل: ومن يأبى يا رَسُول اللَّهِ؟ قال: <من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

159 - الرابع عن أبي مسلم، وقيل: أبي إياس سلمة بن عمر بن الأكوع رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن رجلاً أكل عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بشماله فقال: <كل بيمينك> قال: لا أستطيع. قال: <لا استطعت!> ما منعه إلا الكبر، فما رفعها إلى فيه. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

160 - الخامس عن أبي عبد اللَّه النعمان بن بشير رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <لَتُسَوُّنَّ صفوفكم أو ليخالفن اللَّه بين وجوهكم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لمسلم: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح حتى رأى أنا قد عقلنا عنه. ثم خرج يوماً فقام حتى كاد أن يكبر فرأى رجلاً بادياً صدره فقال: <عباد اللَّه لتسون صفوفكم أو ليخالفن اللَّه بين وجوهكم> .

161 - السادس عن أبي موسى رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل، فلما حدث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بشأنهم قال: <إن هذه النار عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

162 - السابع عنه رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: إن مثل ما بعثني اللَّه به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع اللَّه بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من فقه في دين اللَّه ونفعه بما بعثني اللَّه به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى اللَّه الذي أرسلت به> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<فقه> بضم القاف على المشهور وقيل بكسرها: أي صار فقيهاً.

163 - الثامن عن جابر رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

<الجنادب> نحو الجراد. والفراش، هذا المعروف الذي يقع في النار.

و <الحجز> جمع حجزة وهي: معقد الإزار والسراويل.

164 - التاسع عنه رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أمر بلعق الأصابع والصحفة وقال: <إنكم لا تدرون في أيه البركة> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وفي رواية له: <إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه البركة>

وفي رواية له: <إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى فليأكلها ولا يدعها للشيطان> .

165 - العاشر عن ابن عباس رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: قام فينا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بموعظة فقال: <يا أيها الناس إنكم محشورون إلى اللَّه تعالى حفاة عراة غرلاً {كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين} (الأنبياء 103) ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول كما قال العبد الصالح: {وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم} إلى قوله: {العزيز الحكيم} (المائدة 117، 118) فيقال لي: إنهم لم يزالوا مرتدين على

أعقابهم منذ فارقتهم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<غرلاً> : أي غير مختونين.

166 - الحادي عشر عن أبي سعيد عبد اللَّه بن مغفل رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: نهى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عن الخذف وقال: <إنه لا يقتل الصيد، ولا ينكأ العدو، وإنه يفقأ العين، ويكسر السن> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية: أن قريباً لابن مغفل خذف فنهاه وقال إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نهى عن الخذف وقال: <إنها لا تصيد صيداً> ثم عاد فقال: أحدثك أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نهى عنه ثم عدت تخذف! لا أكلمك أبداً.

167 - وعن عابس بن ربيعة قال: رأيت عمر بن الخطاب رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ يقبل الحجر (يعني الأسود) ويقول: إني أعلم أنك حجر ما تنفع ولا تضر، ولولا إني رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقبلك ما قبلتك. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

*2* 17 - باب وجوب الانقياد لحكم اللَّه تعالى وما يقوله من دعي إلى ذلك وأمر بمعروف أو نهي عن منكر

@قال اللَّه تعالى (النساء 65): {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت، ويسلموا تسليماً}.

وقال تعالى (النور 51): {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللَّه ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا: سمعنا وأطعنا، وأولئك هم المفلحون}.

وفيه من الأحاديث حديث أبي هريرة المذكور في أول الباب قبله (انظر الحديث رقم 156) وغيره من الأحاديث فيه.

168 - وعن أبي هريرة رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال لما نزلت على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم {لله ما في السماوات وما في الأرض، وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحسبكم به اللَّه} الآية (البقرة 283) اشتد ذلك على أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأتوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ثم بركوا على الركب فقالوا: أي رَسُول اللَّهِ كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والجهاد

والصيام والصدقة وقد أنزلا عليك هذه الآية ولا نطيقها. قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم : سمعنا وعصينا؟! بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل اللَّه تعالى في إثرها {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون؛ كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله، وقالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} (البقرة 285) فلما فعلوا ذلك نسخها اللَّه تعالى فأنزل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {لا يكلف اللَّه نفساً إلا وسعها، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} قال نعم {ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا} قال نعم {ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به} قال نعم {واعف عنا واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين} (البقرة 286) قال نعم. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

*2* 18 - باب النهي عن البدع ومحدثات الأمور

@قال اللَّه تعالى (يونس 32): {فماذا بعد الحق إلا الضلال}.

وقال تعالى (الأنعام 8): {ما فرطنا في الكتاب من شيء}.

وقال تعالى (النساء 59): {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى اللَّه والرسول}: أي الكتاب والسنة.

وقال تعالى (الأنعام 153): {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}.

وقال تعالى (آل عمران 31): {قل إن كنتم تحبون اللَّه فاتبعوني يحببكم اللَّه، ويغفر لكم ذنوبكم}.

والآيات في الباب كثيرة معلومة.

وأما الأحاديث فكثيرة جداً وهي مشهورة فنقتصر على طرف منها:

169 - عن عائشة رَضِيِ اللَّهُ عَنْها قالت قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لمسلم <من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد> .

170 - وعن جابر رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول <صبحكم ومساكم> ويقول: <بعثت أنا والساعة كهاتين> ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى ويقول: <أما بعد فإن خير الحديث كتاب اللَّه، وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة> ثم يقول: <أنا أولى بكل مؤمن من نفسه: من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلي وعلي> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وعن العرباض بن سارية رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ حديثه السابق (انظر الحديث رقم 157) في باب المحافظة على السنة.

*2* 19 - باب من سن سنة حسنة أو سيئة

@قال اللَّه تعالى (الفرقان 24): {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماماً}.

وقال تعالى (الأنبياء 73): {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا}.

171 - وعن أبي عمرو، جرير بن عبد اللَّه رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنا في صدر النهار عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فجاءه قوم عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة} إلى آخر الآية {إن اللَّه كان عليكم رقيباً} (النساء 1) والآية التي في آخر الحشر {يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللَّه، ولتنظر نفس ما قدمت لغد} تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره حتى قال: <ولو بشق تمرة> فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت، ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يتهلل كأنه مذهبة. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قوله <مجتابي النمار> هو بالجيم وبعد الألف باء موحدة.

<النمار> جمع نمرة وهي كساء من صوف مخطط.

ومعنى <مجتابيها> : لابسيها قد خرقوها في رؤوسهم. والجوب: القطع، ومنه قول اللَّه تعالى (الفجر 9): {وثمود الذين جابوا الصخر بالواد}: أي نحتوه وقطعوه.

وقوله <تمعر> هو بالعين المهملة: أي تغير.

وقوله <رأيت كومين> بفتح الكاف وضمها، أي: صبرتين.

وقوله <كأنه مذهبة> هو بالذال المعجمة وفتح الهاء والباء الموحدة. قاله القاضي عياض وغيره. وصحفه بعضهم فقال: <مدهنة> بدال مهملة وضم الهاء وبالنون، وكذا ضبطه الحميدي، والصحيح المشهور هو الأول. والمراد به على الوجهين: الصفاء والاستنارة.

172 - وعن ابن مسعود رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <ليس من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

*2* 20 - باب الدلالة على خير والدعاء إلى هدى أو ضلالة

@قال تعالى (القصص 87): {وادع إلى ربك}.

وقال تعالى (النحل 125): {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}.

وقال تعالى (المائدة 2): {وتعاونوا على البر والتقوى}.

وقال تعالى (آل عمران 84): {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير}.

173 - وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من دل على خير فله مثل أجر فاعله> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

174 - وعن أبي هريرة رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

175 - وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال يوم خيبر: <لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح اللَّه على يديه، يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله> فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كلهم يرجو أن يعطاها. فقال: <أين علي بن أبي طالب؟> فقيل: يا رَسُول اللَّهِ هو يشتكي عينيه. قال: <فأرسلوا إليه> فأتي به فبصق رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية. فقال علي رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ: يا رَسُول اللَّهِ أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: <انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق اللَّه تعالى فيه، فوالله لأن يهدي اللَّه بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قوله <يدوكون> : أي يخوضون ويتحدثون.

قوله <رسلك> بكسر الراء وبفتحها لغتان والكسر أفصح.

176 - وعن أنس رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن فتى من أسلم قال: يا رَسُول اللَّهِ إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز به؟ قال: < ائت فلاناً فإنه قد كان تجهز فمرض. فأتاه فقال: إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقرئك السلام ويقول: أعطني الذي تجهزت به. فقال: يا فلانة أعطيه الذي تجهزت به، ولا تحبسي منه شيئاً، فوالله لا تحبسي منه شيئاً فيبارك لك فيه> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو قمر
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات
أبو قمر

مصر
ذكر
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
عدد المساهمات : 102
نقاط : 173
الابراج : السرطان
المزاج : إن مع العسر يسرا
العمر : 52
تعاليق : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
رسالة sms : النص
الموقع : http://aldiaa4u.forumegypt.net/forum
دعاء  : كتاب رياض الصالحين  189356125
كتاب رياض الصالحين  IKmsQ6 اوسمتي : كتاب رياض الصالحين  MAll6كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام

كتاب رياض الصالحين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب رياض الصالحين    كتاب رياض الصالحين  Alarm10السبت 22 يناير 2011, 6:32 pm

كتاب رياض الصالحين

باب التعاون على البر والتقوى باب في النصيحة وباب في الأمر بالنعروف والنهي عن المنكر باب تغليظ عقوبة من أمر بمعروف باب الأمر بأداء الأمانة باب تحريم الظلم



*2* 21 - باب التعاون على البر والتقوى

@قال اللَّه تعالى (المائدة 2): {وتعاونوا على البر والتقوى}.

وقال تعالى (العصر 1، 2، 3): {والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر} قال الإمام الشافعي رحمه اللَّه كلاماً معناه: إن الناس أو أكثرهم في غفلة عن تدبر هذه السورة.

177 - وعن أبي عبد الرحمن زيد بن خالد الجهني رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من جهز غازياً في سبيل اللَّه فقد غزا، ومن خلف غازياً في أهله بخير فقد غزا> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

178 - وعن أبي سعيد الخدري رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بعث بعثاً إلى بني لحيان من هذيل فقال: <لينبعث من كل رجلين أحدهما والأجر بينهما> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

179 - وعن ابن عباس رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُما أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لقي ركباً بالروحاء فقال: <من القوم؟> قالوا: المسلمون. فقالوا: من أنت؟ قال: <رَسُول اللَّهِ> فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال: <نعم ولك أجر> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

180 - وعن أبي موسى الأشعري رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: <الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه كاملاً موفراً، طيبة به نفسه، فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية: <الذي يعطي ما أمر به> وضبطوا <المتصدقين> بفتح القاف مع كسر النون على التثنية، وعكسه على الجمع، وكلاهما صحيح.

*2* 22 - الباب النصيحة

@قال اللَّه تعالى (الحجرات 10): {إنما المؤمنون إخوة}.

وقال تعالى إخباراً عن نوح صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم (الأعراف 62): {وأنصح لكم} وعن هود صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم (الأعراف 68): {وأنا لكم ناصح أمين}.

وأما الأحاديث:

181 - فالأول عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <الدين النصيحة> قلنا: لمن؟ قال: <لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

182 - الثاني عن جرير بن عبد اللَّه رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: بايعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

183 - الثالث عن أنس رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

*2* 23 - باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

@قال اللَّه تعالى (آل عمران 104): {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون}.

وقال تعالى (آل عمران 110): {كنتم خير أمة أخرجت للناس: تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}.

وقال تعالى (الأعراف 199): {خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين}.

وقال تعالى (التوبة 71): {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض: يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر}.

وقال تعالى (المائدة 78): {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون: كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه؛ لبئس ما كانوا يفعلون}.

وقال تعالى (الكهف 29): {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.

وقال تعالى (الحجر 94): {فاصدع بما تؤمر}.

وقال تعالى (الأعراف 165): {فأنجينا الذين ينهون عن السوء، وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون}. والآيات في الباب كثيرة معلومة.

وأما الأحاديث

184 - فالأول عن أبي سعيد الخدري رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

185 - الثاني عن ابن مسعود رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <ما من نبي بعثه اللَّه في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن؛ وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

186 - الثالث عن أبي الوليد عبادة بن الصامت رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: بايعنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من اللَّه فيه برهان، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في اللَّه لومة لائم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<المنشط والمكره> بفتح ميميهما: أي في السهل والصعب.

و <الأثرة> : الاختصاص بالمشترك. وقد سبق بيانها (انظر الحديث رقم 51) .

<بواحاً> بفتح الباء الموحدة بعدها واو ثم ألف ثم حاء مهملة: أي ظاهراً لا يحتمل تأويلاً.

187 - الرابع عن النعمان بن بشير رَضِيِ اللَّهُ عَنْهماُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <مثل القائم في حدود اللَّه والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم؛ فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا. فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

<القائم في حدود اللَّه> معناه: المنكر لها القائم في دفعها وإزالتها. والمراد بالحدود: ما نهى اللَّه عنه.

و <استهموا> : اقترعوا.

188 - الخامس عن أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبي أمية حذيفة رَضِيِ اللَّهُ عَنْها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: <إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون. فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم؛ ولكن من رضي وتابع!> قالوا: يا رَسُول اللَّهِ ألا نقاتلهم؟ قال: <لا ما أقاموا فيكم الصلاة> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

معناه: من كره بقلبه ولم يستطع إنكار بيد ولا لسان فقد برئ من الإثم وأدى وظيفته، ومن أنكر بحسب طاقته فقد سلم من هذه المعصية، ومن رضي بفعلهم وتابعهم فهو العاصي.

189 - السادس عن أم المؤمنين أم الحكم زينب بنت جحش رَضِيِ اللَّهُ عَنْها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم دخل عليها فزعاً يقول: <لا إله إلا اللَّه! ويل للعرب من شر قد أقترب! فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه> وحلق بأصبعيه: الإبهام والتي تليها. فقلت: يا رَسُول اللَّهِ أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: <نعم إذا كثر الخبث> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

190 - السابع عن أبي سعيد الخدري رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إياكم والجلوس في الطرقات!> فقالوا: يا رَسُول اللَّهِ ما لنا من مجالسنا بد: نتحدث فيها. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقه> قالوا: وما حق الطريق يا رَسُول اللَّهِ؟ قال: <غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، ولأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

191 - الثامن عن ابن عباس رَضِيِ اللَّهُ عَنْهماُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال: <يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده!> فقيل للرجل بعد ما ذهب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: خذ خاتمك انتفع به. قال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم! رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

192 - التاسع عن أبي سعيد الحسن البصري أن عائذ بن عمرو رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ دخل على عبيد اللَّه بن زياد فقال: أي بني إني سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <إن شر الرعاء الحطمة> فإياك أن تكون منهم. فقال له: اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. فقال: وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

193 - العاشر عن حذيفة رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن اللَّه أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

194 - الحادي عشر عن أبي سعيد الخدري رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر> رواه أبو داود والترمذي وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

195 - الثاني عشر عن أبي عبد اللَّه طارق بن شهاب البجلي الأحمسي رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن رجلاً سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وقد وضع رجله في الغرز: أي الجهاد أفضل؟ قال: <كلمة حق عند سلطان جائر> رواه النسائي بإسناد صحيح.

<الغرز> بغين معجمة مفتوحة ثم راء ساكنة ثم زاي: هو ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب. وقيل: لا يختص بجلد وخشب.

196 - الثالث عشر عن ابن مسعود رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق اللَّه ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده. فلما فعلوا ذلك ضرب اللَّه قلوب بعضهم ببعض> ثم قال: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون؛ ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا؛ لبئس ما قدمت لهم أنفسهم} إلى قوله {فاسقون} (المائدة 78، 79، 80، 81) ثم قال: <كلا والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً، ولتقصرنه على الحق قصراً، أو ليضربن اللَّه بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم> رواه أبو داود والترمذي وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ. هذا لفظ أبي داود، ولفظ الترمذي قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم، وواكلوهم وشاربوهم، فضرب اللَّه قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون> فجلس رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وكان متكئاً فقال: <لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطراً> .

قوله <تأطروهم> : أي تعطفوهم.

و <لتقصرنه> : أي لتحبسنه.

197 - الرابع عشر عن أبي بكر الصديق رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: يا أيها الناس إنكم لتقرؤون هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} (المائدة 105) وإني سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم اللَّه بعقاب منه> رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة.

*2* 24 - باب تغليظ عقوبة من أمر بمعروف أو نهى عن منكر وخالف قوله فعله

@قال اللَّه تعالى (البقرة 44): {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون!}.

وقال تعالى (الصف 2، 3): {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون؟! كبر مقتاً عند اللَّه أن تقولوا ما لا تفعلون!}.

وقال تعالى إخباراً عن شعيب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم (هود 88): {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه}.

198 - وعن أبي زيد أسامة بن زيد بن حارثة رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قوله <تندلق> هو بالدال المهملة معناه: تخرج.

و <الأقتاب> : الأمعاء واحدها قتب.

*2* 25 - باب الأمر بأداء الأمانة

@قال اللَّه تعالى (النساء 58): {إن اللَّه يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}.

وقال تعالى (الأحزاب 72): {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان؛ إنه كان ظلوماً جهولاً}.

199 - وعن أبي هريرة رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية <وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم> .

200 - وعن حذيفة بن اليمان رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: حدثنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حديثين قد رأيت أحدهما أنا أنتظر الآخر: حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة، ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال: <ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت، ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبراً وليس فيه شيء> ثم أخذ

حصاةً فدحرجه على رجله <فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة، حتى يقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، حتى يقال للرجل: ما أجلده! ما أظرفه! ما أعقله! وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان> . ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت: لئن كان مسلماً ليردنه علي دينه، وإن كان نصرانياً أو يهودياً ليردنه علي ساعيه. وأما اليوم فما كنت أبايع منكم إلا فلاناً وفلاناً> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قوله <جذر> بفتح الجيم وإسكان الذال المعجمة: وهو أصل الشيء.

و <الوكت> بالتاء المثناة من فوق: الأثر اليسير.

و <المجل> بفتح الميم وإسكان الجيم: وهو تنفطٌ في اليد ونحوها من أثر عمل وغيره.

قوله <منتبراً> : مرتفعاً.

قوله <ساعيه> : الوالي عليه.

201 - وعن حذيفة وأبي هريرة رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُما قالا قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <يجمع اللَّه تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم صلوات اللَّه

عليه فيقولون: يا أبانا استفتح لنا الجنة. فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل اللَّه. قال فيقول إبراهيم: لست بصاحب ذلك إنما كنت خليلاً من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى الذي كلمه اللَّه تكليماً. فيأتون موسى فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة اللَّه وروحه. فيقول عيسى: لست بصاحب ذلك . فيأتون محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فيقوم فيؤذن له، وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً، فيمر أولكم كالبرق> قلت: بأبي وأمي أي شيء كمر البرق؟ قال: ألم تروا كيف يمر ويرجع في طرفة عين، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير وشد الرجال: تجري بهم أعمالهم ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم حتى تعجز أعمال العباد، وحتى يجيء الرجل لا يستطيع السير إلا زحفاً. وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكردس في النار> والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعون خريفاً. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قوله <وراء وراء> هو بالفتح فيهما وقيل بالضم بلا تنوين: ومعناه لست بتلك الدرجة الرفيعة، وهي كلمة بذكر على سبيل التواضع. وقد بسطت معناها في شرح صحيح مسلم، والله أعلم.

202 - وعن أبي خبيب - بضم الخاء المعجمة - عبد اللَّه بن الزبير رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه. فقال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوماً، وإن من أكبر همي لديني، أفترى ديننا يبقي من مالنا شيئاً؟ ثم قال: يا بني بع مالنا واقض ديني. وأوصى بالثلث، وثلثه لبنيه (يعني لبني عبد اللَّه بن الزبير ثلث الثلث) قال: فإن فضل من مالنا بعد قضاء الدين شيء فثلثه لبنيك. قال هشام: وكان ولد عبد اللَّه قد وازى بعض بني الزبير: خبيب وعباد، وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد اللَّه: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني إن عجزت عن شيء منه فاستعن عليه بمولاي. قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: اللَّه. فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه فيقضيه. قال: فقتل الزبير ولم يدع ديناراً ولا درهماً إلا أرضين: منها الغابة، وإحدى عشرة داراً بالمدينة، ودارين بالبصرة، وداراً بالكوفة، وداراً بمصر. قال: وإنما كان دينه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه فيقول الزبير: لا ولكن هو سلف إني أخشى علية الضيعة. وما ولي إمارة قط ولا جباية ولا خراجاً ولا شيئاً إلا أن يكون في غزوة مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أو مع أبي بكر وعمر وعثمان رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُم.

قال عبد اللَّه: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف. فلقي حكيم بن حزام عبد اللَّه بن الزبير فقال: يا ابن أخي كم على أخي من الدين؟ فكتمته وقلت: مائة ألف. فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تسع هذه. فقال عبد اللَّه: أرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي. قال: وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف فباعها عبد اللَّه بألف ألف وستمائة ألف ثم قام فقال: من كان له على الزبير شيء فليوافنا بالغابة. فأتاه عبد اللَّه بن جعفر وكان له على الزبير أربعمائة ألف. فقال لعبد اللَّه: إن شئتم تركتها لكم. قال عبد اللَّه لا، قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم، فقال عبد اللَّه لا، قال: فاقطعوا لي قطعة. قال عبد اللَّه: لك من ههنا إلى ههنا.

فباع عبد اللَّه منها فقضى عنه دينه وأوفاه وبقي منها أربعة أسهم ونصف. فقدم على معاوية وعنده عمرو بن عثمان، والمنذر بن الزبير وابن زمعة. فقال له معاوية: كم قومت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف. قال: كم بقي منها؟ قال: أربعة أسهم ونصف. فقال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهماً بمائة ألف. وقال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهماً بمائة ألف. وقال ابن زمعة: قد أخذت سهماً بمائة ألف فقال معاوية: كم بقي منها؟ قال: سهم ونصف. قال: قد أخذته بخمسين ومائة ألف. قال: وباع عبد اللَّه بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف. فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا. قال: والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه. فجعل كل سنة ينادي في الموسم. فلما مضى أربع سنين قسم بينهم ورفع الثلث. وكان للزبير أربع نسوة فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف؛ فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

*2* 26 - باب تحريم الظلم والأمر برد المظالم

@قال اللَّه تعالى (غافر 18): {ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع}.

وقال تعالى (الحج 71): {وما للظالمين من نصير}.

وأما الأحاديث فمنها حديث أبي ذر المتقدم (انظر الحديث رقم 111) في آخر باب المجاهدة.

203 - وعن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم: حملهم على أن سفكوا دماءهم ، واستحلوا محارمهم> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

204 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

205 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنا نتحدث عن حجة الوداع والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بين أظهرنا ولا ندري ما حجة الوداع حتى حمد اللَّه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وأثنى عليه، ثم ذكر المسيح الدجال فأطنب في ذكره وقال: <ما بعث اللَّه من نبي إلا أنذره أمته: أنذره نوح والنبيون من بعده، وإنه يخرج فيكم ، فما خفي عليكم من شأنه فليس يخفى عليكم: إن ربكم ليس بأعور، وإنه أعور عين اليمنى كأن عينه عنبة طافية، ألا إن اللَّه حرم عليكم دماءكم

وأموالكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا؛ ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: <اللهم اشهد> ثلاثاً <ويلكم! أو ويحكم انظروا: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وروى مسلم بعضه.

206 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

207 - وعن أبي موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إن اللَّه ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ثم قرأ: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة؛ إن أخذه أليم شديد} (هود 102) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

208 - وعن معاذ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: بعثني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: <إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأني رسول اللَّه، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن اللَّه افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن اللَّه افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين اللَّه حجاب> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

209 - وعن أبي حميد عبد الرحمن بن سعد الساعدي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: استعمل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة. فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي. فقام رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم على المنبر فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: <أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني اللَّه فيأتي فيقول: هذا لكم هذا هدية أهديت إلي! أفلا جلس في بيت أبيه أو أمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً! والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي اللَّه تعالى يحمله يوم القيامة، فلا أعرفن أحداً منكم لقي اللَّه يحمل بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر> ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه فقال: اللهم هل بلغت؟> ثلاثاً مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

210 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

211 - وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى اللَّه عنه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

212 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كان على ثقل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رجل يقال له كركرة فمات فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <هو في النار> فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

213 - وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق اللَّه السماوات والأرض. السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم. ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة والمحرم، رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، أي شهر هذا؟> قلنا: اللَّه ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: <أليس ذا الحجة؟> قلنا: بلى. قال: <فأي بلد هذا؟> قلنا: اللَّه ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: <أليس البلدة؟> قلنا: بلى. قال: <فأي يوم هذا؟> قلنا: اللَّه ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. فقال: <أليس يوم النحر؟> قلنا: بلى. قال: <فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه> ثم قال: <ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟> قلنا: نعم. قال: <اللهم اشهد> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

214 - وعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب اللَّه له النار، وحرم عليه الجنة> فقال رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رَسُول اللَّهِ؟ فقال: <وإن قضيباً من أراك> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

215 - وعن عدي بن عميرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطاً فما فوقه كان غلولاً يأتي به يوم القيامة> فقام إليه رجل أسود من الأنصار كأني أنظر إليه فقال: يا رَسُول اللَّهِ اقبل عني عملك. قال: <وما لك؟> قال: سمعتك تقول كذا وكذا. قال: <وأنا أقوله الآن: من استعملناه على عمل فليجيء بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهي عنه انتهى> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

216 - وعن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقالوا: فلان شهيد وفلان شهيد. حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

217 - وعن أبي قتادة الحارث بن ربعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل اللَّه والإيمان بالله أفضل الأعمال. فقام رجل فقال: يا رَسُول اللَّهِ أرأيت إن قتلت في سبيل اللَّه تكفر عني خطاياي؟ فقال له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <نعم إن قتلت في سبيل اللَّه، أنت صابر، محتسب، مقبل غير مدبر> ثم قال: رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <كيف قلت؟> قال: أرأيت إن قتلت في سبيل اللَّه أتكفر عني خطاياي؟ فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <نعم وأنت صابر، محتسب، مقبل عير مدبر؛ إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

218 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <أتدرون ما المفلس؟> قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: <إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، أكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا؛ فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

219 - وعن أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<ألحن> : أي أعلم.

220 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

221 - وعن خولة بنت ثامر الأنصارية وهي امرأة حمزة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وعَنْها قالت سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <إن رجالاً يتخوضون في مال اللَّه بغير حق فلهم النار يوم القيامة> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو قمر
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات
أبو قمر

مصر
ذكر
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
عدد المساهمات : 102
نقاط : 173
الابراج : السرطان
المزاج : إن مع العسر يسرا
العمر : 52
تعاليق : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
رسالة sms : النص
الموقع : http://aldiaa4u.forumegypt.net/forum
دعاء  : كتاب رياض الصالحين  189356125
كتاب رياض الصالحين  IKmsQ6 اوسمتي : كتاب رياض الصالحين  MAll6كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام

كتاب رياض الصالحين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب رياض الصالحين    كتاب رياض الصالحين  Alarm10الأحد 20 فبراير 2011, 3:46 pm

كتاب رياض الصالحين



باب تعظيم حرمات المسلمين و ستر عوراتهم وقضاء حوائجهم باب الشفاعة والاصلاح بين الناس باب فضل ضعفة المسلمين باب ملاطفة اليتيم والبنات باب الوصية بالنساء



*2* 27 - باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم

@قال اللَّه تعالى (الحج 30): {ومن يعظم حرمات اللَّه فهو خير له عند ربه}.

وقال تعالى (الحج 32): {ومن يعظم شعائر اللَّه فإنها من تقوى القلوب}.

وقال تعالى (الحجر 88): {واخفض جناحك للمؤمنين}.

وقال تعالى (المائدة 32): {من قتل نفساً تغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً}.

222 - وعن أبي موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً> وشبك بين أصابعه. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

223 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من مر في شيء من مساجدنا أو أسواقنا ومعه نبل فليمسك أو ليقبض على نصالها بكفه أن يصيب أحداً من المسلمين منها بشيء> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

224 - وعن النعمان بن بشير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى سائر الجسد بالسهر والحمى> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

225 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الحسن بن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وعنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً. فنظر إليه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: <من لا يرحم لا يرحم!> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

226 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: قدم ناس من الأعراب على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ فقال: <نعم> قالوا: لكنا والله ما نقبل. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أو أملك أن كان اللَّه نزع من قلوبكم الرحمة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

227 - وعن جرير بن عبد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من لا يرحم الناس لا يرحمه اللَّه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

228 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إذا صلى أحدكم للناس فليخفف؛ فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية: <وذا الحاجة> .

229 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: إن كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

230 - وعنها رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت نهاهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عن الوصال رحمة لهم فقالوا: إنك تواصل؟ قال: <إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

معناه: يجعل في قوة من أكل وشرب.

231 - وعن أبي قتادة الحارث بن ربعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إن لأقوم إلى الصلاة وأريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

232 - وعن جندب بن عبد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة اللَّه فلا يطلبنكم اللَّه من ذمته بشيء؛ فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

233 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <المسلم أخو المسلم: لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان اللَّه في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج اللَّه عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره اللَّه يوم القيامة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

234 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <المسلم أخو المسلم: لا يخونه ولا يكذبه، ولا يخذله؛ كل المسلم على المسلم حرام: عرضه، وماله، ودمه. التقوى ههنا، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.

235 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض؛ وكونوا عباد اللَّه إخواناً. المسلم أخو المسلم: لا يظلمه، ولا يحقره، ولا يخذله، التقوى ههنا (ويشير إلى صدره ثلاث مرات) بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم؛ كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

<النجش> : أن يزيد في ثمن سلعة ينادى عليها في السوق ونحوه ولا رغبة في شرائها بل يقصد أن يغر غيره، وهذا حرام.

و <التدابر> : أن يعرض عن الإنسان ويهجره ويجعله كالشيء الذي وراء الظهر والدبر.

236 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

237 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً> فقال رجل: يا رَسُول اللَّهِ أنصره إذا كان مظلوماً أرأيت إن كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: <تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

238 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لمسلم <حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد اللَّه فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه> .

239 - وعن أبي عمارة البراء بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: أمرنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام. ونهانا عن خواتيم أو تختم بالذهب، وعن شرب بالفضة، وعن المياثر الحمر، وعن القسي، وعن لبس الحرير، الإستبرق، والديباج> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية <وإنشاد الضالة> في السبع الأول.

<المياثر> بياء مثناة قبل الألف، وثاء مثلثة بعدها، وهي جمع ميثرة، وهي شيء يتخذ من حرير ويحشى قطناً أو غيره ويجعل في السرج وكور البعير يجلس عليه الراكب.

و <القسي> بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة: وهي ثياب تنسج من حرير وكتان مختلطين.

و <إنشاد الضالة> : تعريفها.

*2* 28 - باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة

@قال اللَّه تعالى (النور 19): {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة}.

240 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره اللَّه يوم القيامة> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

241 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <كل أمتي معافىً إلا المهاجرين، وإن من المهاجرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره اللَّه عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر اللَّه عليه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

242 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثانية فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<التثريب> : التوبيخ.

243 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال أتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم برجل قد شرب قال: <اضربوه> قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، الضارب بثوبه. فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك اللَّه. قال: <لا تقولوا هكذا؛ لا تعينوا عليه الشيطان> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

*2* 29 - باب قضاء حوائج المسلمين

@قال اللَّه تعالى (الحج 77): {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}.

244 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <المسلم أخو المسلم: لا يظلمه، ولا يسلمه. من كان في حاجة أخيه كان اللَّه في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج اللَّه عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره اللَّه يوم القيامة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

245 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس اللَّه عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر اللَّه عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره اللَّه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل اللَّه له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت اللَّه تعالى يتلون كتاب اللَّه ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم اللَّه فيمن عنده؛ ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

*2* 30 - باب الشفاعة

@قال اللَّه تعالى (النساء 85): {من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها}.

246 - وعن أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال: <اشفعوا تؤجروا ويقضي اللَّه على لسان نبيه ما أحب> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية: <ما شاء> .

247 - وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في قصة بريرة وزوجها قال، قال لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لو راجعته؟> قالت: يا رَسُول اللَّهِ تأمرني؟ قال: <إنما أشفع> قالت: لا حاجة لي فيه. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

*2* 31 - باب الإصلاح بين الناس

@قال اللَّه تعالى (النساء 114): {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة، أو بمعروف، أو إصلاح بين الناس}.

وقال تعالى (النساء 128): {والصلح خير}.

وقال تعالى (الأنفال 1): {فاتقوا اللَّه وأصلحوا ذات بينكم}.

وقال تعالى (الحجرات 10): {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم}.

248 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس: يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ومعنى <تعدل بينهما> : يصلح بينهما بالعدل.

249 - وعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية مسلم زيادة قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: تعني الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها.

250 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم صوت خصوم بالباب عالية أصواتهما، وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء وهو يقول: والله لا أفعل. فخرج عليهما رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: <أين المتألي على اللَّه لا يفعل المعروف؟!> فقال: أنا يا رَسُول اللَّهِ فله أي ذلك أحب. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

معنى <يستوضعه> يسأله أن يضع عنه بعض دينه.

و <يسترفقه> : يسأله الرفق.

و <والمتألي> : الحالف.

251 - وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بلغه أن بني عمرو بن عوف كان بينهم شر فخرج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يصلح بينهم في أناس معه، فحبس رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وحانت الصلاة، فجاء بلال إلى أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فقال: يا أبا بكر إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قد حبس وحانت الصلاة فهل لك أن تؤم الناس؟ قال: نعم إن شئت. فأقام بلال وتقدم أبو بكر فكبر وكبر الناس وجاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يمشي في الصفوف حتى قام في الصف، فأخذ الناس في التصفيق، وكان أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فإذا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فأشار إليه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فرفع أبو بكر يديه فحمد اللَّه ورجع القهقرى وراءه حتى قام في الصف، فتقدم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فصلى للناس فلما فرغ أقبل على الناس فقال: <يا أيها الناس ما لكم حين نابكم شيء في الصلاة أخذتم في التصفيق؟ إنما التصفيق للنساء، من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان اللَّه؛ فإنه لا يسمعه أحد حين يقول سبحان اللَّه إلا التفت. يا أبا بكر ما منعك أن تصلي بالناس حين أشرت إليك؟> فقال أبو بكر: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

معنى <حبس> : أمسكوه ليضيفوه.

*2* 32 - باب فضل ضعفة المسلمين والفقراء والخاملين

@قال اللَّه تعالى (الكهف 28): {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ولا تعد عيناك عنهم}.

252 - وعن حارثة بن وهب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على اللَّه لأبره. ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<العتل> : الغليظ الجافي.

و <الجواظ> بفتح الجيم وتشديد الواو وبالظاء المعجمة: هو الجموع المنوع. وقيل: الضخم المختال في مشيته. وقيل: القصير البطين.

253 - وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال مر رجل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال لرجل عنده جالس: <ما رأيك في هذا؟> فقال: رجل من أشراف الناس، هذا والله حري إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع. فسكت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ثم مر رجل آخر فقال له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ما رأيك في هذا؟> فقال: يا رَسُول اللَّهِ هذا رجل من فقراء المسلمين، هذا حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع لقوله. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <هذا خير من ملء الأرض مثل هذا> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قوله <حري> هو بفتح الحاء وكسر الراء وتشديد الياء: أي حقيق.

وقوله: <شفع> بفتح الفاء.

254 - وعن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <احتجت الجنة والنار فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون، وقالت الجنة: في ضعفاء الناس ومساكينهم. فقضى اللَّه بينهما: إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء، لكليكما علي ملؤها> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

255 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند اللَّه جناح بعوضة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

256 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شاباً ففقدها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فسأل عنها أو عنه فقالوا مات قال: <أفلا كنتم آذنتموني> فكأنهم صغروا أمرها أو أمره. فقال: <دلوني على قبره> فدلوه فصلى عليه ثم قال: <إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن اللَّه ينورها لهم بصلاتي عليهم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قوله: <تقم> هو بفتح التاء وضم القاف: أي تكنس. <والقمامة> : الكناسة.

و <آذنتموني> بمد الهمزة: أي أعلمتموني.

257 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على اللَّه لأبره> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

258 - وعن أسامة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين وأصحاب الجد محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار، وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

و <الجد> بفتح الجيم: الحظ والغنى.

وقوله <محبوسون> : أي لم يؤذن لهم بعد في دخول الجنة.

259 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى ابن مريم، صاحب جريج. وكان جريج رجلاً عابداً فاتخذ صومعة فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي فقالت: يا جريج. فقال: يا رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته فانصرفت. فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت: يا جريج. فقال: يا رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت: يا جريج. فقال: أي رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات! فتذاكر بنو إسرائيل جريجاً وعبادته، وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها فقالت: إن شئتم لأفتننه. فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأتت راعياً كانت يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها فوقع عليها فحملت فلما ولدت قالت هو من جريج. فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه. فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغي فولدت منك. قال: أين الصبي؟ فجاءوا به، فقال: دعوني حتى أصلي، فصلى فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه وقال: يا غلام من أبوك؟ قال: فلان الراعي. فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به. وقالوا نبني لك صومعتك من ذهب. قال: لا، أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا. وبينا صبي يرضع من أمه فمر راكب على دابة فارهة وشارة حسنة فقالت أمه: اللهم اجعل ابني مثل هذا. فترك الثدي وأقبل إليه فنظر إليه فقال: اللهم لا تجعلني مثله! ثم أقبل على ثديه فجعل يرضع. فكأني أنظر إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو يحكي ارتضاعه بأصبعه السبابة في فيه فجعل يمصها. ثم قال: ومروا بجارية وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت، وهي تقول: حسبي اللَّه ونعم الوكيل. فقالت أمه: اللهم لا تجعل ابني مثلها! فترك الرضاع ونظر إليها فقال: اللهم اجعلني مثلها! فهنالك تراجعا الحديث فقالت: مر رجل حسن الهيئة فقلت اللهم اجعل ابني مثله فقلت اللهم لا تجعلني مثله، ومروا بهذه الأمة وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت فقلت اللهم لا تجعل ابني مثلها فقلت اللهم اجعلني مثلها؟ قال: إن ذلك الرجل جبار فقلت اللهم لا تجعلني مثله، وإن هذه يقولون زنيت ولم تزن وسرقت ولم تسرق فقلت: اللهم اجعلني مثلها> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<المومسات> : بضم الميم الأولى، وإسكان الواو وكسر الميم الثانية وبالسين المهملة؛ هن الزواني. المومسة: الزانية.

وقوله <دابة فارهة> بالفاء: أي حاذقة نفيسة.

و <الشارة> بالشين المعجمة وتخفيف الراء. وهي الجمال الظاهر في الهيئة والملبس.

ومعنى <تراجعا الحديث> أي حدثت الصبي وحدثها، والله أعلم.

*2* 33 - باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضعفة والمساكين والمنكسرين والإحسان إليهم والشفقة عليهم والتواضع معهم وخفض الجناح لهم

@قال اللَّه تعالى (الحجر 88): {واخفض جناحك للمؤمنين}.

وقال تعالى (الكهف 281): {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا}.

وقال تعالى (الضحى 9، 10): {فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر}.

وقال تعالى (الماعون 1، 2، 3): {أرأيت الذي يكذب بالدين، فذلك الذي يدع اليتيم، ولا يحض على طعام المسكين}.

260 - وعن سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ستة نفر، فقال: المشركون للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا. وكنت أنا وابن مسعود وردل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ما شاء اللَّه أن يقع: فحدث نفسه فأنزل اللَّه تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} (الأنعام 52) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

261 - وعن أبي هبيرة عائذ بن عمرو المزني، وهو من أهل بيعة الرضوان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا: ما أخذت سيوف اللَّه من عدو اللَّه مأخذها. فقال أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟! فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأخبره فقال: <يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك> . فأتاهم فقال: يا إخوتاه آغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر اللَّه لك يا أخي. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قوله: <مأخذها> أي لم تستوف حقها منه.

وقوله: <يا أخي> روي بفتح الهمزة وكسر الخاء وتخفيف الياء. وروي بضم الهمزة وفتح الخاء وتشديد الياء.

262 - وعن سهل بن سعد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا> وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

و <كافل اليتيم> : القائم بأموره.

263 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة> وأشار الراوي، وهو مالك بن أنس، بالسبابة والوسطى. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم <اليتيم له أو لغيره> معناه: قريبه أو الأجنبي منه. فالقريب مثل أن تكفله أمه أو جده أو أخوه أو غيرهم من قرابته، والله أعلم.

264 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان ولا اللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية في الصحيحين <ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن به فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس> .

265 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل اللَّه> وأحسبه قال: <وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

266 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى اللَّه ورسوله> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وفي رواية في الصحيحين عن أبي هريرة من قوله: بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء.

267 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين> وضم أصابعه. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

و <جاريتين> : أي بنتين.

268 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: دخلت علي امرأة ومعها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم علينا فأخبرته. فقال: <من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

269 - وعن عائشة أيضاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: جاءتني مسكينة بحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: <إن اللَّه قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

270 - وعن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة> حديث حسن رواه النسائي بإسناد جيد.

ومعنى <أحرج> : ألحق الحرج وهو الإثم بمن ضيع حقهما، وأحذر من ذلك تحذيراً بليغاً، وأزجر عنه زجراً أكيداً.

271 - وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: رأى سعد أن له فضلاً على من دونه فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ هكذا مرسلاً، فإن مصعب بن سعد تابعي، ورواه الحافظ أبو بكر البرقاني في صحيحه متصلاً عن مصعب عن أبيه رَضِيّ اللّهُ عَنْهُ.

272 - وعن أبي الدرداء عويمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <ابغوني الضعفاء؛ فإنما تنصرون، وترزقون بضعفائكم> رواه أبو داود بإسناد جيد.

*2* 34 - باب الوصية بالنساء

@قال اللَّه تعالى (النساء 19): {وعاشروهن بالمعروف}.

وقال تعالى (النساء 129): {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، وإن تصلحوا وتتقوا فإن اللَّه كان غفوراً رحيماً}.

273 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <استوصوا بالنساء خيراً؛ فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية في الصحيحين <المرأة كالضلع: إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج>

وفي رواية لمسلم: <إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها> .

قوله: <عوج> هو بفتح العين والواو

274 - وعن عبد اللَّه بن زمعة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يخطب وذكر الناقة والذي عقرها فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: {إذ انبعث أشقاها}: انبعث لها رجل عزيز، عارم، منيع في رهطه. ثم ذكر النساء فوعظ فيهن فقال: <يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد، فلعله يضاجعها من آخر يومه!> ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة فقال: <لم يضحك أحدكم مما يفعل!> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

و <العارم> بالعين المهملة والراء: هو الشرير المفسد.

وقوله <انبعث> أي قام بسرعة.

275 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر أو قال غيره> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وقوله <يفرك> هو بفتح الباء وإسكان الفاء وفتح الراء معناه: يبغض. يقال: فركت المرأة زوجها وفركها زوجها. بكسر الراء يفركها: أي أبغضها، والله أعلم.

276 - وعن عمرو بن الأحوص الجشمي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في حجة الوداع يقول بعد أن حمد اللَّه تعالى وأثنى عليه وذكر ووعظ، ثم قال: <ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً. ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً: فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ صحيح.

قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم <عوان> : أي أسيرات. جمع عانية، بالعين المهملة وهي: الأسيرة. والعاني: الأسير. شبه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم المرأة في دخولها تحت حكم الزوج بالأسير.

و <الضرب المبرح> : هو الشاق الشديد.

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم <فلا تبغوا عليهن سبيلاً> : أي لا تطلبوا طريقاً تحتجون به عليهن وتؤذونهن به، والله أعلم.

277 - وعن معاوية بن حيدة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قلت: يا رَسُول اللَّهِ ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: <أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت> حديث حسن رواه أبو داود وقال معنى <لا تقبح> : لا تقل قبحك اللَّه.

278 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ صحيح.

279 - وعن إياس بن عبد اللَّه بن أبي ذباب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لا تضربوا إماء اللَّه> فجاء عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: ذَئِرْنَ النساء على أزواجهن، فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نساء كثير يشكون أزواجهن، فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لقد أطاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم> رواه أبو داود بإسناد صحيح.

قوله <ذئرن> هو بذال معجمة مفتوحة ثم همزة مكسورة ثم راء ساكنة ثم نون: أي اجترأن.

قوله <أطاف> : أي أحاط.

280 - وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو قمر
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات
أبو قمر

مصر
ذكر
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
عدد المساهمات : 102
نقاط : 173
الابراج : السرطان
المزاج : إن مع العسر يسرا
العمر : 52
تعاليق : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
رسالة sms : النص
الموقع : http://aldiaa4u.forumegypt.net/forum
دعاء  : كتاب رياض الصالحين  189356125
كتاب رياض الصالحين  IKmsQ6 اوسمتي : كتاب رياض الصالحين  MAll6كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام

كتاب رياض الصالحين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب رياض الصالحين    كتاب رياض الصالحين  Alarm10السبت 11 يونيو 2011, 12:58 am

كتاب رياض الصالحين



باب حق الزوج على المرأة والنفقة على العيال والانفاق مما يجب باب وجوب أمره وأهله وأولاده باب حق الجار وبر الوالدين وصلة الأرحام



*2* 35 - باب حق الزوج على المرأة

@قال اللَّه تعالى (النساء 34): {الرجال قوامون على النساء بما فضل اللَّه بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم. فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ اللَّه}.

وأما الأحاديث فمنها حديث عمرو بن الأحوص السابق (انظر الحديث رقم 276) في الباب قبله. 281 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لهما <إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح>

وفي رواية قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها> .

282 - وعن أبي هريرة أيضاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وهذا لفظ البخاري.

283 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده؛ فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

284 - وعن أبي علي طلق بن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ والنسائي وقال الترمذي حديث حسن صحيح.

285 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <لو كنت آمر أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ صحيح.

286 - وعن أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.

287 - وعن معاذ بن جبل رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك اللَّه! فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.

288 - وعن أسامة بن زيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

*2* 36 - باب النفقة على العيال

@قال اللَّه تعالى (البقرة 233): {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف}.

وقال تعالى (الطلاق 7): {لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه اللَّه، لا يكلف اللَّه نفساً إلا ما آتاها}.

وقال تعالى (سبأ 39): {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه}.

289 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <دينار أنفقته في سبيل اللَّه، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك؛ أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

290 - وعن أبي عبد اللَّه ويقال له: أبي عبد الرحمن ثوبان بن بجدد مولى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه على دابته في سبيل اللَّه، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل اللَّه> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

291 - وعن أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: قلت يا رَسُول اللَّهِ هل لي أجر في بني أبي سلمة أن أنفق عليهم ولست بتاركتهم هكذا وهكذا إنما هم بني؟ فقال: <نعم لك أجر ما أنفقت عليهم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

292 - وعن سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في حديثه الطويل الذي قدمناه (انظر الحديث رقم 6) في أول الكتاب في باب النية أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال له: <وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه اللَّه إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

293 - وعن أبي مسعود البدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

294 - وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت> حديث صحيح رواه أبو داود وغيره. ورَوَاهُ مُسْلِمٌ في صحيحه بمعناه قال: <كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته> .

295 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

296 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه اللَّه، ومن يستغن يغنه اللَّه> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

*2* 37 - باب الإنفاق مما يحب ومن الجيد

@قال اللَّه تعالى (آل عمران 92): {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}.

وقال تعالى (البقرة 267): {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض، ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون}.

297 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب. قال أنس: فلما نزلت هذه الآية: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} قام أبو طلحة إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا رَسُول اللَّهِ إن اللَّه تعالى أنزل عليك: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} وإن أحب مالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله تعالى أرجو برها وذخرها عند اللَّه تعالى، فضعها يا رَسُول اللَّهِ حيث أراك اللَّه. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <بخ! ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين> فقال أبو طلحة: أفعل يا رَسُول اللَّهِ. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <مال رابح> روي في الصحيحين <رابح> و <رايح> بالباء الموحدة وبالياء المثناة، أي: رايح عليك نفعه.

و <بيرحاء> : حديقة نخل، وروي بكسر الباء وفتحها.

*2* 38 - باب وجوب أمره أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة اللَّه تعالى ونهيهم عن المخالفة وتأديبهم ومنعهم عن ارتكاب منهي عنه

@قال اللَّه تعالى (طه 132): {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها}.

وقال تعالى (التحريم 6): {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً}.

298 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: أخذ الحسن بن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما من تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <كخ كخ! ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة!> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية: <أنا لا تحل لنا الصدقة> .

وقوله <كخ كخ> يقال بإسكان الخاء، ويقال بكسرها مع التنوين، وهي كلمة زجر للصبي عن المستقذرات، وكان الحسن رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صبياً.

299 - وعن أبي حفص عمر بن أبي سلمة عبد اللَّه بن عبد الأسد ربيب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنت غلاماً في حجر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكانت

يدي تطيش في الصحفة فقال لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <يا غلام سم اللَّه تعالى، وكل بيمينك، وكل مما يليك> فما زالت تلك طعمتي بعد> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

و <تطيش> : تدور في نواحي الصحفة.

300 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في ما سيده ومسؤول عن رعيته؛ فكلكم راع ومسؤول عن رعيته> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

301 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا

بينهم في المضاجع> حديث حسن رواه أبو داود بإسناد حسن.

302 - وعن أبي ثرية سبرة بن معبد الجهني رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <علموا الصبي الصلاة لسبع سنين، واضربوه عليها ابن عشر سنين> حديث حسن رواه أبو داود والترمذي وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.

ولفظ أبي داود: <مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين> .

*2* 39 - باب حق الجار والوصية به

@قال اللَّه تعالى (النساء 36): {واعبدوا اللَّه ولا تشركوا به شيئاً، وبالوالدين إحساناً وبذي القربى، واليتامى، والمساكين، والجار ذي القربى، والجار الجنب، والصاحب بالجنب، وابن السبيل، وما ملكت أيمانكم}.

303 - وعن ابن عمر وعائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالا قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

304 - وعن أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وفي رواية له عن أبي ذر قال: إن خليلي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أوصاني <إذا طبخت مرقاً فأكثر ماءه ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف> .

305 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن!> قيل: من يا رَسُول اللَّهِ؟ قال: <الذي لا يأمن جاره بوائقه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لمسلم <لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه> .

<البوائق> : الغوائل والشرور.

306 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

307 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره> ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين! والله لأرمين بها بين أكتافكم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. روي <خشبه> بالإضافة والجمع. وروي: <خشبة> بالتنوين على الإفراد.

وقوله: ما لي أراكم عنها معرضين: نعني عن هذه السنة.

308 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من كان يؤمن بالله واليوم الآخر

فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

309 - وعن أبي شريح الخزاعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت> رَوَاهُ مُسْلِمٌ بهذا اللفظ. وروى البخاري بعضه.

310 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: قلت يا رَسُول اللَّهِ إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: <إلى أقربهما منك باباً> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

311 - وعن عبد اللَّه بن عمرو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <خير الأصحاب عند اللَّه تعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند اللَّه خيرهم لجاره> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.

*2* 40 - باب بر الوالدين وصلة الأرحام

@قال اللَّه تعالى (النساء 36): {واعبدوا اللَّه ولا تشركوا به شيئاً، وبالوالدين إحساناً، وبذي القربى، واليتامى، والمساكين، والجار ذي القربى، والجار الجنب، والصاحب بالجنب، وابن السبيل، وما ملكت أيمانكم}.

وقال تعالى (النساء 1): {واتقوا اللَّه الذي تساءلون به، والأرحام}.

وقال تعالى (الرعد 21): {والذين يصلون ما أمر به أن يوصل} الآية.

وقال تعالى (العنكبوت 8): {ووصينا الإنسان بوالديه حسناً}.

وقال تعالى (الإسراء 23، 24): {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه، وبالوالدين إحساناً، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف، ولا تنهرهما، وقل لهما قولاً كريماً، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً}.

وقال تعالى (لقمان 14): {ووصينا الإنسان بوالديه؛ حملته أمه وهناً على وهن، وفصاله في عامين، أن اشكر لي ولوالديك}.

312 - وعن أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أي العمل أحب إلى اللَّه؟ قال: <الصلاة على وقتها> قلت: ثم أي؟ قال: <بر الوالدين> قلت: ثم أي؟ قال: <الجهاد في سبيل اللَّه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

313 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

314 - وعنه أيضاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

315 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إن اللَّه تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائد بك من القطيعة. قال: نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذلك لك> ثم قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <اقرءوا إن شئتم: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم؛ أولئك الذين لعنهم اللَّه فأصمهم وأعمى أبصارهم} (محمد 22، 23) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية للبخاري: فقال اللَّه تعالى: <من وصلك، وصلته ومن قطعك قطعته> .

316 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: جاء رجل إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا رَسُول اللَّهِ من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: <أمك> قال: ثم من؟ قال: <أمك> قال: ثم من؟ قال: <أمك> قال: ثم من؟ قال: <أبوك> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية: يا رَسُول اللَّهِ من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال: <أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدناك أدناك> .

و <الصحابة> بمعنى: الصحبة.

وقوله: <ثم أباك> هكذا هو منصوب بفعل محذوف: أي ثم بر أباك. وفي رواية <ثم أبوك> وهذا واضح.

317 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

318 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رجلاً قال: يا رَسُول اللَّهِ إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: <لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من اللَّه ظهير عليهم ما دمت على ذلك> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

<وتسفهم> بضم التاء وكسر السين المهملة وتشديد الفاء.

و <المل> بفتح الميم وتشديد اللام وهو الرماد الحار: أي كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن إليهم لكن ينالهم إثم عظيم بتقصيرهم في حقه وإدخالهم الأذى عليه، والله أعلم.

319 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ومعنى <ينسأ له في أثره> : أي يؤخر له في أجله وعمره.

320 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب. فلما نزلت هذه الآية: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} (آل عمران 92) قام أبو طلحة إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا رَسُول اللَّهِ إن اللَّه تبارك وتعالى يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} وإن أحب مالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله تعالى أرجو برها وذخرها عند اللَّه فضعها يا رَسُول اللَّهِ حيث أراك اللَّه. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <بخ! ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين> فقال أبو طلحة: أفعل يا رَسُول اللَّهِ. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وسبق بيان ألفاظه (انظر الحديث رقم 297) في باب الإنفاق مما يحب.

321 - وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال أقبل رجل إلى نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من اللَّه تعالى. فقال: <فهل من والديك أحد حي؟> قال: نعم بل كلاهما. قال: <فتبتغي الأجر من اللَّه تعالى؟> قال: نعم. قال: <فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وهذا لفظ مسلم.

وفي رواية لهما: جاء رجل فاستأذنه في الجهاد فقال: <أحي والداك؟> قال: نعم. قال: <ففيهما فجاهد> .

322 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

و <قطعت> بفتح القاف والطاء و <رحمة> مرفوع.

323 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله اللَّه، ومن قطعني قطعه اللَّه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

324 - وعن أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت: أشعرت يا رَسُول اللَّهِ أني أعتقت وليدتي؟ قال: <أو فعلت؟> قالت: نعم. قال: <أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

325 - وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فاستفتيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قلت: قدمت علي أمي وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال: نعم صلي أمك> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وقولها <راغبة> أي طامعة فيما عندي تسألني شيئاً. قيل: كانت أمها من النسب. وقيل: من الرضاعة. والصحيح الأول.

326 - وعن زينب الثقفية امرأة عبد اللَّه بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وعنها قالت قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن> قالت: فرجعت إلى عبد اللَّه بن مسعود فقلت: إنك رجل خفيف ذات اليد وإن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قد أمرنا بالصدقة فأته فاسأله فإن كان ذلك يجزي عني وإلا صرفتها إلى غيركم. فقال عبد اللَّه: بل ائتيه أنت. فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حاجتي حاجتها، وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قد ألقيت عليه المهابة، فخرج علينا بلال فقلنا له: ائت رَسُول

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟ ولا تخبره من نحن. فدخل بلال على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فسأله فقال له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من هما؟> قال: امرأة من الأنصار وزينب. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أي الزيانب هي؟> قال: امرأة عبد اللَّه. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لهما أجران: أجر القرابة، وأجر الصدقة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

327 - وعن أبي سفيان صخر بن حرب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في حديثه الطويل في قصة هرقل أن هرقل قال لأبي سفيان: فماذا يأمركم به؟ (يعني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) قال قلت: يقول <اعبدوا اللَّه وحده ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم. ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

328 - وعن أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إنكم ستفتحون أرضاً يذكر فيها القيراط. وفي رواية: ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيراً فإن لهم ذمة ورحماً. وفي رواية: فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحماً أو قال ذمة وصهراً> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قال العلماء: الرحم التي لهم كون هاجر أم إسماعيل منهم.

و <الصهر> : كون مارية أم إبراهيم بن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم منهم.

329 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال لما نزلت هذه الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين} (الشعراء 214) دعا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قريشاً فاجتمعوا فعم وخص فقال: <يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار؛ فإني لا أملك لكم من اللَّه شيئاً غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم <ببلالها> هو بفتح الباء الثانية وكسرها.

و <البلال> : الماء.

ومعنى الحديث: سأصلها. شبه قطيعتها بالحرارة تطفأ بالماء وهذه تبرد بالصلة.

330 - وعن أبي عبد اللَّه عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم جهاراً غير سر يقول: <إن آل أبي فلان ليسوا بأوليائي، إنما وليي اللَّه وصالح المؤمنين، ولكم لهم رحم أبلها ببلالها> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. واللفظ للبخاري.

331 - وعن أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أن رجلاً قال: يا رَسُول اللَّهِ أخبرني بعمل يدخلني الجنة. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <تعبد اللَّه ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

332 - وعن سلمان بن عامر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة، فإن لم يجد تمراً فالماء فإنه طهور> وقال: <الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثِنْتَان: صدقة وصلة> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.

333 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كانت تحتي امرأة وكنت أحبها وكان عمر يكرهها فقال لي طلقها فأبيت. فأتى عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فذكر ذلك له. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <طلقها> رواه أبو داود والترمذي وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ صحيح.

334 - وعن أبي الدرداء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رجلاً أتاه فقال: إن لي امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها. فقال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <الوالد أوسط أبواب الجنة> فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وقال حديث صحيح.

335 - وعن البراء بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <الخالة بمنزلة الأم> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وقال حديث صحيح.

وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح مشهورة. منها حديث أصحاب الغار (انظر الحديث رقم 12) وحديث جريج (انظر الحديث رقم 259) وقد سبقا، وأحاديث مشهورة في الصحيح حذفتها اختصاراً. ومن أهمها حديث عمرو بن عبسة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الطويل المشتمل على جمل كثيرة

من قواعد الإسلام وآدابه. وسأذكره بتمامه إن شاء اللَّه تعالى في باب الرجاء قال فيه: دخلت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بمكة (يعني في أول النبوة) فقلت له: ما أنت؟ قال: <نبي> فقلت: وما نبي؟ قال: <أرسلني اللَّه تعالى> فقلت: بأي شيء أرسلك؟ قال: <أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد اللَّه لا يشرك به شيء> وذكر تمام الحديث، والله أعلم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو قمر
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات
أبو قمر

مصر
ذكر
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
عدد المساهمات : 102
نقاط : 173
الابراج : السرطان
المزاج : إن مع العسر يسرا
العمر : 52
تعاليق : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
رسالة sms : النص
الموقع : http://aldiaa4u.forumegypt.net/forum
دعاء  : كتاب رياض الصالحين  189356125
كتاب رياض الصالحين  IKmsQ6 اوسمتي : كتاب رياض الصالحين  MAll6كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام

كتاب رياض الصالحين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب رياض الصالحين    كتاب رياض الصالحين  Alarm10الإثنين 13 يونيو 2011, 11:23 pm

كتاب رياض الصالحين

باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم وفضل بر أصدقاء الأب والأم باب إكرام أهل بيت رسول الله باب توقير العلماء باب زيارة أهل الخير



*2* 41 - باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم

@قال اللَّه تعالى (محمد 22، 23): {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض، وتقطعوا أرحامكم؛ أولئك الذين لعنهم اللَّه، فأصمهم وأعمى أبصارهم}.

وقال تعالى (الرعد 25): {والذين ينقضون عهد اللَّه من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر اللَّه به أن يوصل، ويفسدون في الأرض، أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار}.

وقال تعالى (الإسراء 23، 24): {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما، فلا تقل لهما أف، ولا تنهرهما، وقل لهما قولاً كريماً، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً}.

336 - وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟> ثلاثاً. قلنا: بلى يا رَسُول اللَّهِ قال: <الإشراك بالله، وعقوق الوالدين> وكان متكئاً فجلس فقال: <ألا وقول الزور، وشهادة الزور!> فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

337 - وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

و <اليمين الغموس> : التي يحلفها كاذباً عامداً. سميت غموساً لأنها تغمس الحالف في الإثم.

338 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <من الكبائر شتم الرجل والديه!> قالوا: يا رَسُول اللَّهِ وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: <نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية: <إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه!> قيل: يا رَسُول اللَّهِ كيف يلعن الرجل والديه؟! قال: <يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه> .

339 - وعن أبي محمد جبير بن مطعم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <لا يدخل الجنة قاطع> قال سفيان في روايته: يعني قاطع رحم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

340 - وعن أبي عيسى المغيرة بن شعبة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إن اللَّه تعالى حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعاً وهات، ووأد البنات. وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قوله <منعاً> معناه: منع ما وجب عليه.

و <هات> : طلب ما ليس له.

و <وأد البنات> معناه: دفنهن في الحياة.

و <قيل وقال> معناه: الحديث بكل ما يسمعه. فيقول: قيل كذا، وقال فلان كذا مما لا يعلم صحته ولا يظنها، وكفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع.

و <إضاعة المال> : تبذيره وصرفه في غير الوجوه المأذون فيها من مقاصد الآخرة والدنيا، وترك حفظه مع إمكان الحفظ.

و <كثرة السؤال> : الإلحاح فيما لا حاجة إليه.

وفي الباب أحاديث سبقت في الباب قبله كحديث: <وأقطع من قطعك> (انظر الحديث رقم 315) وحديث: <من قطعني قطعه اللَّه> (انظر الحديث رقم 323) .

*2* 42 - باب بر أصدقاء الأب والأم والأقارب والزوجة وسائر من يندب إكرامه

341 - عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه> .

342 - وعن عبد اللَّه بن دينار عن عبد اللَّه بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رجلاً من الأعراب لقيه بطريق مكة فسلم عليه عبد اللَّه بن عمر وحمله على حمار كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه. قال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك اللَّه إنهم الأعراب وهم يرضون باليسير. فقال عبد اللَّه بن عمر: إن أبا هذا كان وداً لعمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وإني سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <إن أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه>

وفي رواية عن ابن دينار عن ابن عمر أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروح عليه إذا مل ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه، فبينا هو يوماً على ذلك الحمار إذ مر به أعرابي فقال: ألست فلان بن فلان؟ قال: بلى. فأعطاه الحمار وقال اركب هذا، والعمامة وقال: اشدد بها رأسك. فقال له بعض أصحابه: غفر اللَّه لك! أعطيت هذا الأعرابي حماراً كنت تروح عليه، وعمامة كنت تشد بها رأسك: فقال: إني سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي> وإن أباه كان صديقاً لعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. روى هذه الروايات كلها مسلم.

343 - وعن أبي أسيد - بضم الهمزة وفتح السين - مالك بن ربيعة الساعدي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: بينا نحن جلوس عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رَسُول اللَّهِ هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ فقال: <نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما> رواه أبو داود.

344 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: ما غرت على أحد من نساء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ما غرت على خديجة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها وما رأيتها قط، ولكن كان يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة. فربما قلت له: كأن لم يكن في الدنيا إلا خديجة! فيقول: إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية: وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن.

وفي رواية: كان إذا ذبح الشاة يقول: <أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة>

وفي رواية قالت: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فعرف استئذان خديجة فارتاح لذلك، فقال: <اللهم هالة بنت خويلد> .

قولها: <فارتاح> هو بالحاء. وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي: <فارتاع> بالعين. ومعناه: اهتم به.

345 - وعن أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: خرجت مع جرير بن عبد اللَّه البجلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في سفر فكان يخدمني. فقلت له: لا تفعل. فقال: إني قد رأيت الأنصار تصنع برَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم شيئاً آليت أن لا أصحب أحداً منهم إلا خدمته. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

*2* 43 - باب إكرام أهل بيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وبيان فضلهم

@قال اللَّه تعالى (الأحزاب 33): {إنما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت، ويطهركم تطهيراً}.

وقال تعالى (الحج 32): {ومن يعظم شعائر اللَّه فإنها من تقوى القلوب}.

346 - وعن يزيد بن حيان قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهمُ. فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً: رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه؛ لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً. حدثنا يا زيد ما سمعت من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. قال: يا ابن أخي والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فما حدثتكم فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه، ثم قال: قام رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة، فحمد اللَّه وأثنى عليه، ووعظ وذكر ثم قال: <أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب اللَّه، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب اللَّه واستمسكوا به> فحث على كتاب اللَّه ورغب فيه. ثم قال: <وأهل بيتي، أذكركم اللَّه في أهل بيتي، أذكركم اللَّه في أهل بيتي> فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر وآل عباس. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وفي رواية: <ألا وإني تارك فيكم ثقلين: أحدهما كتاب اللَّه، هو حبل اللَّه، من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة> .

347 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن أبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ موقوفاً عليه أنه قال: ارقبوا محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في أهل بيته. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

معنى <ارقبوه> : راعوه واحترموه وأكرموه، والله أعلم.

*2* 44 - باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم ورفع مجالسهم وإظهار مرتبتهم

@قال اللَّه تعالى (الزمر 9): {قل: هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب}.

348 - وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سناً. ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه؛ ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وفي رواية له: <فأقدمهم سلماً> بدل <سناً> : أي إسلاماً.

وفي رواية <يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه، وأقدمهم قراءة، فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سناً>

والمراد <بسلطانه> : محل ولايته، أو الموضع الذي يختص به.

و <تكرمته> بفتح التاء وكسر الراء: وهي ما ينفرد به من فراش وسرير ونحوهما.

349 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: <استووا، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم،

ثم الذين يلونهم> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ليلني> هو بتخفيف النون وليس قبلها ياء، وروي بتشديد النون مع ياء قبلها.

و <النهى> : العقول.

و <أولو الأحلام> : هم البالغون وقيل: أهل الحلم والفضل.

350 - وعن عبد اللَّه بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم> ثلاثاً <وإياكم وهيشات الأسواق> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

351 - وعن أبي يحيى. وقيل: أبي محمد سهل بن أبي حثمة - بفتح الحاء المهملة وإسكان الثاء المثلثة - الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: انطلق عبد اللَّه بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا، فأتى محيصة إلى عبد اللَّه بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلاً، فدفنه ثم قدم المدينة، فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال: <كبر كبر> وهو أحدث القوم فسكت فتكلما. فقال: <أتحلفون وتستحقون قاتلكم؟> وذكر تمام الحديث. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <كبر كبر> معناه: يتكلم الأكبر.

352 - وعن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد (يعني في القبر) ثم يقول: <أيهما أكثر أخذاً للقرآن؟> فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

353 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهماُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <أراني في المنام أتسوك بسواك فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر. فناولت السواك الأصغر فقيل لي كبر. فدفعته إلى الأكبر منهما> رَوَاهُ مُسْلِمٌ مسنداً والبخاري تعليقاً.

354 - وعن أبي موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم <إن من إجلال اللَّه تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط> حديث حسن رواه أبو داود.

355 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا> حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وقال الترمذي حديث حسن صحيح.

وفي رواية أبي داود: <حق كبيرنا> .

356 - وعن ميمون بن أبي شبيب رَحِمهُ اللَّه أن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها مر بها سائل فأعطته كسرة، ومر بها رجل عليه ثياب وهيئة فأقعدته فأكل، فقيل لها في ذلك فقالت قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أنزلوا الناس منازلهم> رواه أبو داود. لكن قال: ميمون لم يدرك عائشة. وقد ذكره مسلم في أول صحيحه تعليقاً فقال: وذكر عن عائشة قالت: <أمرنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أن ننزل الناس منازلهم> وذكره الحاكم أبو عبد اللَّه في كتابه (معرفة علوم الحديث) وقال هو حديث صحيح.

357 - وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال: قدم عيينة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر ابن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولاً كانوا أو شباناً. فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه، فاستأذن له فأذن له عمر. فلما دخل قال: هي يا ابن الخطاب! فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم فينا بالعدل! فغضب عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حتى هم أن يوقع به. فقال له الحر: يا أمير المؤمنين إن اللَّه تعالى قال لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: {خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين} (الأعراف 199) وإن هذا من الجاهلين. والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافاً عند كتاب اللَّه تعالى. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

358 - وعن أبي سعيد سمرة بن جندب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: لقد كنت على عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم غلاماً فكنت أحفظ عنه فما يمنعني من القول إلا أن ههنا رجالاً هم أسن مني. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

359 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ما أكرم شاب شيخاً لسنه إلا قيض اللَّه له من يكرمه عند سنه> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وقال حديث غريب.

*2* 45 - باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم وطلب زيارتهم والدعاء منهم وزيارة المواضع الفاضلة

@قال اللَّه تعالى (الكهف 60 - 66): {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقباً} إلى قوله تعالى {قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشداً؟}.

وقال تعالى (الكهف 28): {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}.

360 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال أبو بكر لعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بعد وفاة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يزورها. فلما انتهيا إليها بكت. فقالا لها: ما يبكيك؟ أما تعلمين أن ما عند اللَّه خير لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ فقالت: إني لا أبكي أني لا أعلم أن ما عند اللَّه تعالى خير لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء. فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

361 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى فأرصد اللَّه تعالى على مدرجته ملكاً. فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها عليه؟ قال: لا، غير أني أحببته في اللَّه تعالى. قال: فإني رَسُول اللَّهِ إليك بأن اللَّه قد أحبك كما أحببته فيه. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

يقال: أرصده لكذا إذا وكله بحفظه.

و <المدرجة> بفتح الميم والراء: الطريق.

ومعنى <تربها> : تقوم بها وتسعى في صلاحها.

362 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من عاد مريضاً أو زار أخاً له في اللَّه ناداه مناد: بأن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ. وفي بعض النسخ غريب.

363 - وعن أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير. فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<يحذيك> : يعطيك.

364 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ومعنى ذلك: أن الناس يقصدون في العادة من المرأة هذه الخصال الأربع فاحرص أنت على ذات الدين واظفر بها واحرص على صحبتها.

365 - وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لجبريل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟> فنزلت: {وما نتنزل إلا بأمر ربك، له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك} (مريم 64) . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

366 - وعن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي> رواه أبو داود والترمذي بإسناد لا بأس به.

367 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل> رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح وقال الترمذي حديث حسن.

368 - وعن أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <المرء مع من أحب> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية: قال قيل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟ قال: <المرء مع من أحب> .

369 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن أعرابياً قال لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: متى الساعة؟ قال له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ما أعددت لها؟> قال: حب اللَّه ورسوله. قال: <أنت مع من أحببت> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وهذا لفظ مسلم.

وفي رواية لهما: ما أعددت لها من كثير صوم ولا صلاة ولا صدقة ولكني أحب اللَّه ورسوله.

370 - وعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال جاء رجل إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا رَسُول اللَّهِ كيف تقول في رجل أحب قوماً ولم يلحق بهم؟ فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <المرء مع من أحب> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

371 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وروى البخاري قوله: <الأرواح> إلى آخره من رواية عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها.

372 - وعن أسير بن عمرو. ويقال ابن جابر - وهو بضم الهمزة وفتح السين المهملة - قال: كان عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم. قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم. قال فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم. قال: لك والدة؟ قال: نعم. قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على اللَّه لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل> فاستغفر لي. فاستغفر له. فقال له عمر: أين تريد؟ قال الكوفة. قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي. فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم فوافق عمر فسأله عن أويس فقال: تركته رث البيت قليل المتاع. قال: سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على اللَّه لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل> فأتى أويساً فقال استغفر لي. قال: أنت أحدث عهداً بسفر صالح فاستغفر لي. قال: لقيت عمر؟ قال: نعم. فاستغفر له. ففطن له الناس فانطلق على وجهه. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وفي رواية لمسلم أيضاً عن أسير بن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وفيهم رجل ممن كان يسخر بأويس فقال عمر: هل ههنا أحد من القرنيين؟ فجاء ذلك الرجل. فقال عمر إن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قد قال: <إن رجلاً يأتيكم من اليمن يقال له أويس لا يدع باليمن غير أم له قد كان به بياض فدعا اللَّه تعالى فأذهبه إلا موضع الدينار أو الدرهم فمن لقيه منكم فليستغفر لكم>

وفي رواية له عن عمر قال إني سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم> .

قوله: <غبراء الناس> بفتح الغين المعجمة، وإسكان الباء وبالمد، وهم: فقراؤهم وصعاليكهم ومن لا تعرف عينه من أخلاطهم.

و <الأمداد> جمع مدد وهم: الأعوان والناصرون الذين كانوا يمدون المسلمين في الجهاد.

373 - وعن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: استأذنت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في العمرة فأذن لي وقال: <لا تنسنا يا أخي من دعائك> فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا.

وفي رواية: قال <أشركنا يا أخي في دعائك> حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ صحيح.

374 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يزور قباء راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يأتي مسجد قباء كل سبت راكباً وماشياً، وكان ابن عمر يفعله.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو قمر
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات
أبو قمر

مصر
ذكر
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
عدد المساهمات : 102
نقاط : 173
الابراج : السرطان
المزاج : إن مع العسر يسرا
العمر : 52
تعاليق : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
رسالة sms : النص
الموقع : http://aldiaa4u.forumegypt.net/forum
دعاء  : كتاب رياض الصالحين  189356125
كتاب رياض الصالحين  IKmsQ6 اوسمتي : كتاب رياض الصالحين  MAll6كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام

كتاب رياض الصالحين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب رياض الصالحين    كتاب رياض الصالحين  Alarm10الخميس 16 يونيو 2011, 11:08 pm

كتاب رياض الصالحين

باب فضل الحب في اللَّه والحث عليه وعلامات حب الله تعالى باب التحذير من ايذاء الصالحين واجراء احكام الناس على الظاهر باب الخوف وباب الرجاء وفضل الرجاء والجمع بين الخوف والرجاء



*2* 46 - باب فضل الحب في اللَّه والحث عليه وإعلام الرجل من يحبه وماذا يقول له إذا أعلمه

@قال اللَّه تعالى (الفتح 29): {محمد رَسُول اللَّهِ، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} إلى آخر السورة.

وقال تعالى (الحشر 9): {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم}.

375 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <ثلاث من كن فيه وجد

بهن حلاوة الإيمان: أن يكون اللَّه ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه اللَّه منه كما يكره أن يقذف في النار> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

376 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <سبعة يظلهم اللَّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في اللَّه اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات حسن

وجمال فقال إني أخاف اللَّه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر اللَّه خالياً ففاضت عيناه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

377 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إن اللَّه تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

378 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

379 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى فأرصد اللَّه على مدرجته ملكاً> وذكر الحديث إلى قوله <إن اللَّه قد أحبك كما أحببته فيه> رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وقد سبق في الباب قبله (انظر الحديث رقم 360) .

380 - وعن البراء بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال في الأنصار <لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، من أحبهم أحبه اللَّه، ومن أبغضهم أبغضه اللَّه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

381 - وعن معاذ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ صحيح.

382 - وعن أبي إدريس الخولاني رحمه اللَّه قال دخلت مسجد دمشق فإذا فتىً براق الثنايا وإذا الناس معه فإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه وصدروا عن رأيه فسألت عنه فقيل: هذا معاذ بن جبل، فلما كان من الغد هجرت فوجدته قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه ثم قلت: والله إني لأحبك لله! فقال: آلله؟ فقلت: ألله. فقال: آلله؟ فقلت: ألله. فأخذ بخبوة ردائي فجبذني إليه فقال أبشر فإني سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <قال اللَّه تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتزاورين في، والمتباذلين في> حديث صحيح رواه مالك في الموطأ بإسناده الصحيح.

قوله: <هجرت> : أي بكرت وهو بتشديد الجيم قوله: <آلله فقلت: ألله> الأول بهمزة ممدودة للاستفهام، والثاني بلا مد.

383 - وعن أبي كريمة المقداد بن معد يكرب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه> رواه أبو داود والترمذي وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ صحيح.

384 - وعن معاذ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أخذ بيده وقال: <يا معاذ والله إني لأحبك، ثم أوصيك يا معاذ: لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك> حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح.

385 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رجلاً كان عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فمر رجل فقال: يا رَسُول اللَّهِ إني لأحب هذا. فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أأعلمته؟> قال: لا. قال: <أعلمه> فلحقه فقال: إني أحبك في اللَّه. فقال: أحبك الذي أحببتني له. رواه أبو داود بإسناد صحيح.

*2* 47 - باب علامات حب اللَّه تعالى للعبد والحث على التخلق بها والسعي في تحصيلها

@قال اللَّه تعالى (آل عمران 31): {قل إن كنتم تحبون اللَّه فاتبعوني يحببكم اللَّه، ويغفر لكم ذنوبكم، والله غفور رحيم}.

وقال تعالى (المائدة 54): {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي اللَّه بقوم يحبهم ويحبونه، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل اللَّه، ولا يخافون لومة لائم، ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم}.

386 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إن اللَّه تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما يتقرب إلى عبدي بشيء أحب إلى مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه؛ فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه> رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

معنى <آذنته> : أعلمته بأني محارب له.

وقوله <استعاذني> روي بالباء وروي بالنون.

387 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إذا أحب اللَّه تعالى العبد نادى جبريل إن اللَّه يحب فلاناً فأحبوه. فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لمسلم قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إن اللَّه تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال: إني أحب فلاناً فأحبه. فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن اللَّه يحب فلاناً فأحبوه. فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغضه. فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء: إن اللَّه يبغض فلاناً فأبغضوه. فيبغضه أهل السماء ثم توضع له البغضاء في الأرض> .

388 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بعث رجلاً على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم ب{قل هو اللَّه أحد} فلما رجعوا ذكروا ذلك لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: <سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟> فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأ بها. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أخبروه أن اللَّه تعالى يحبه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

*2* 48 - باب التحذير من إيذاء الصالحين والضعفة والمساكين

@قال اللَّه تعالى (الأحزاب 58): {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً}.

وقال تعالى (الضحى 9، 10): {فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر}.

وأما الأحاديث فكثيرة منها حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في الباب قبل هذا (انظر الحديث رقم 385) <من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب> ومنها حديث سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ السابق (انظر الحديث رقم 260) في باب ملاطفة اليتيم، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم <يا أبا بكر لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك> (انظر الحديث رقم 261) .

389 - وعن جندب بن عبد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة اللَّه فلا يطلبنكم اللَّه من ذمته بشيء؛ فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

*2* 49 - باب إجراء أحكام الناس على الظاهر وسرائرهم إلى اللَّه تعالى

@قال اللَّه تعالى (التوبة 5): {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم}.

390 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهماُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأن محمداً رَسُول اللَّهِ، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على اللَّه تعالى> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

391 - وعن أبي عبد اللَّه طارق بن أشيم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <من قال لا إله إلا اللَّه وكفر بما يعبد من دون اللَّه، حرم ماله ودمه وحسابه على اللَّه> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

392 - وعن أبي معبد المقداد بن الأسود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قلت لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: أرأيت إن لقيت رجلاً من الكفار فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أأقتله يا رَسُول اللَّهِ بعد أن قالها؟ فقال: <لا تقتله> فقلت: يا رَسُول اللَّهِ قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد ما قطعها؟ فقال: <لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ومعنى <إنه بمنزلتك> : أي معصوم الدم محكوم بإسلامه.

ومعنى <إنك بمنزلته> : أي مباح الدم بالقصاص لورثته لا أنه بمنزلته في الكفر، والله أعلم.

393 - وعن أسامة بن زيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: بعثنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى الحرقة من جهينة فصبحنا القوم على مياههم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا اللَّه. فكف عنه الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته. فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال لي: <يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا اللَّه؟> قلت: يا رَسُول اللَّهِ إنما كان متعوذاً. فقال: <أقتلته بعد ما قال لا إله إلا اللَّه؟> فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية: فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أقال لا إله إلا اللَّه وقتلته؟> قلت: يا رَسُول اللَّهِ إنما قالها خوفاً من السلاح. قال: <أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟!> فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ.

<الحرقة> بضم الحاء المهملة وفتح الراء: بطن من جهينة القبيلة المعروفة.

وقوله <متعوذاً> : أي معتصماً بها من القتل لا معتقداً لها.

394 - وعن جندب بن عبد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بعث بعثاً من المسلمين إلى قوم من المشركين، وأنهم التقوا فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله، وأن رجلاً من المسلمين قصد غفلته وكنا نتحدث أنه أسامة بن زيد، فلما رفع السيف قال: لا إله إلا اللَّه. فقتله، فجاء البشير إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فسأله وأخبره حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع، فدعاه فسأله فقال: <لم قتلته؟> فقال: يا رَسُول اللَّهِ أوجع في المسلمين وقتل فلاناً وفلاناً وسمى له نفراً، وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال: لا إله إلا اللَّه، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أقتلته؟!> قال: نعم. قال: <فكيف تصنع بلا إله إلا اللَّه إذا جاءت يوم القيامة؟> قال: يا رَسُول اللَّهِ استغفر لي. قال: <وكيف تصنع بلا إله إلا اللَّه إذا جاءت يوم القيامة؟> فجعل لا يزيد على أن يقول: <كيف تصنع بلا إله إلا اللَّه إذا جاءت يوم القيامة؟> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

395 - وعن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يقول: إن ناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وإن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أمناه وقربناه وليس لنا من سريرته شيء، اللَّه يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

*2* 50 - باب الخوف

@قال اللَّه تعالى (البقرة 40): {وإياي فارهبون}.

وقال تعالى (البروج 12): {إن بطش ربك لشديد}.

وقال تعالى (هود 102 - 106): {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد،

إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة، ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود، وما نؤخره إلا لأجل معدود، يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه، فمنهم شقي وسعيد. فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق}.

وقال تعالى (آل عمران 28): {ويحذركم اللَّه نفسه}.

وقال تعالى (عبس 34 - 37): {يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}.

وقال تعالى (الحج 1، 2): {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب اللَّه شديد}.

وقال تعالى (الرحمن 46): {ولمن خاف مقام ربه جنتان} الآيات.

وقال تعالى (الطور 25 - 28): {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون. قالوا: إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين، فمن اللَّه علينا ووقانا عذاب السموم، إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم} والآيات في الباب كثيرة جداً معلومات، والغرض الإشارة إلى بعضها وقد حصل.

وأما الأحاديث فكثيرة جداً فنذكر منها طرفاً، وبالله التوفيق:

396 - عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال حدثنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو الصادق المصدوق: <إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله وعمله، وشقي أو سعيد. فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

397 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

398 - وعن النعمان بن بشير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه، ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً وإنه لأهونهم عذاباً> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

399 - وعن سمرة بن جندب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى ترقوته> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

<الحجزة> : معقد الإزار تحت السرة.

و <الترقوة> بفتح الراء وضم القاف: هي العظم الذي عند ثغرة النحر. وللإنسان ترقوتان في

جانبي النحر.

400 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<الرشح> : العرق.

401 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال خطب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم خطبة ما سمعت مثلها قط! فقال: <لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً> فغطى أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وجوههم ولهم خنين. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية: بلغ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عن أصحابه شيء فخطب فقال: <عرضت علي الجنة والنار فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً> فما أتى على أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يوم أشد منه، غطوا رؤوسهم ولهم خنين.

<الخنين> بالخاء المعجمة: هو البكاء مع غنة وانتشاق الصوت من الأنف.

402 - وعن المقداد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل (قال سليم بن عامر الراوي عن المقداد: فوالله ما أدري ما يعني بالميل أمسافة الأرض أم الميل الذي يكحل به العين) فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق. فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه،

ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً> وأشار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بيده إلى فيه. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

403 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ومعنى <يذهب في الأرض> : ينزل ويغوص.

404 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذ سمع وجبةً فقال: <هل تدرون ما هذا؟> قلنا اللَّه ورسوله أعلم. قال: <هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها فسمعتم وجبتها> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

405 - وعن عدي بن حاتم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه؛ فاتقوا النار ولو بشق تمرة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

406 - وعن أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إني أرى ما لا ترون، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله تعالى، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى اللَّه تعالى> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.

و <أطت> بفتح الهمزة وتشديد الطاء، و <تئط> بفتح التاء وبعدها همزة مكسورة

<الأطيط> : صوت الرحل والقتب وشبههما. ومعناه: أن كثرة من في السماء من الملائكة العابدين قد أثقلتها حتى أطت.

و <الصعدات> بضم الصاد والعين: الطرقات.

ومعنى <تجأرون> تستغيثون.

407 - وعن أبي برزة - براء ثم زاي - نضلة بن عبيد الأسلمي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.

408 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قرأ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم {يومئذ تحدث أخبارها} (الزلزلة 4) ثم قال: <أتدرون ما أخبارها؟> قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: <فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا؛ فهذه أخبارها> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.

409 - وعن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن، واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ فينفخ> فكأن ذلك ثقل على أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال لهم: <قولوا حسبنا اللَّه ونعم الوكيل> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.

<القرن> : هو الصور الذي قال اللَّه تعالى (الزمر 68): {ونفخ في الصور} كذا فسره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.

410 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة اللَّه غالية، ألا إن سلعة اللَّه الجنة> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.

<أدلج> بإسكان الدال ومعناه: سار من أول الليل. والمراد: التشمير في الطاعة، والله أعلم.

411 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <يحشر الناس يوم القيامة حفاةً، عراةً، غرلاً> قلت: يا رَسُول اللَّهِ الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: <يا عائشة الأمر أشد من أن يهمهم ذلك> وفي رواية: <الأمر أهم من أن ينظر بعضهم إلى بعض> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<غرلاً> بضم الغين المعجمة: أي غير مختونين.

*2* 51 - باب الرجاء

@قال اللَّه تعالى (الزمر 53): {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللَّه إن اللَّه يغف الذنوب جميعاً، إنه هو الغفور الرحيم}.

وقال تعالى (سبأ 17): {وهل نجازي إلا الكفور}.

وقال تعالى (طه 48): {إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى}.

وقال تعالى (الأعراف 156): {ورحمتي وسعت كل شيء}.

412 - وعن عبادة بن الصامت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <من شهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد اللَّه ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة والنار حق، أدخله اللَّه الجنة على ما كان من العمل> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وفي رواية لمسلم: <من شهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمداً رَسُول اللَّهِ حرم اللَّه عليه النار> .

413 - وعن أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <يقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها أو أزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها أو أغفر، ومن تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً، ومن تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئاً لقيته بمثلها مغفرةً> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

معنى الحديث: من تقرب إلي بطاعتي تقربت إليه برحمتي وإن زاد زدت، فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولةً: أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود.

و <قراب الأرض> بضم القاف ويقال بكسرها والضم أصح وأشهر ومعناه: ما يقارب ملأها، والله أعلم.

414 - وعن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال جاء أعرابي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقال: يا رَسُول اللَّهِ ما الموجبتان؟ قال: <من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ومن مات يشرك به شيئاً دخل النار> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

415 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ومعاذ رديفه على الرحل قال: <يا معاذ> قال: لبيك رَسُول اللَّهِ وسعديك. قال: <يا معاذ> قال: لبيك رَسُول اللَّهِ وسعديك. قال: <يا معاذ> قال: لبيك رَسُول اللَّهِ وسعديك، ثلاثاً. قال: <ما من عبد يشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه اللَّه على النار> قال: يا رَسُول اللَّهِ أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: <إذاً يتكلوا> فأخبر بها معاذ عند موته تأثماً. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

قوله <تأثماً> : أي خوفاً من الإثم في كتم هذا العلم.

416 - وعن أبي هريرة أو أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (شك الراوي ولا يضر الشك في عين الصحابي لأنهم كلهم عدول) قال: لما كان غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة فقالوا: يا رَسُول اللَّهِ لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادهنا؟ فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <افعلوا> فجاء عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ فقال: يا رَسُول اللَّهِ إن فعلت قل الظهر ولكن ادعهم بفضل أزوادهم ثم ادع اللَّه لهم عليها بالبركة لعل اللَّه أن يجعل في ذلك البركة. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <نعم> فدعا بنطع فبسطه ثم دعا بفضل أزوادهم، فجعل الرجل يجيء بكف ذرة، ويجيء الآخر بكف تمر، ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير، فدعا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بالبركة ثم قال: <خذوا في أوعيتكم> فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملئوه وأكلوا حتى شبعوا وفضل فضلة. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأني رَسُول اللَّهِ لا يلقى اللَّه بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

417 - وعن عتبان بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ وهو ممن شهد بدراً قال: كنت أصلي لقومي بني سالم، وكان يحول بيني وبينهم واد إذا جاءت الأمطار فيشق علي اجتيازه قبل مسجدهم، فجئت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقلت له: إني أنكرت بصري وإن الوادي الذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار فيشق علي اجتيازه، فوددت أنك تأتي فتصلي في بيتي مكاناً أتخذه مصلىً. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <سأفعل> فغدا علي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وأبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ بعد ما اشتد النهار، واستأذن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فأذنت له، فلم يجلس حتى قال: <أين تحب أن أصلي من بيتك؟> فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن يصلي فيه، فقام رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فكبر وصففنا وراءه فصلى ركعتين ثم سلم وسلمنا حين سلم، فحبسته على خزيرة تصنع له، فسمع أهل الدار أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم في بيتي فثاب رجال منهم حتى كثر الرجال في البيت. فقال رجل: ما فعل مالك لا أراه! فقال رجل: ذلك منافق لا يحب اللَّه ورسوله. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <لا تقل ذلك! ألا تراه قال لا إله إلا اللَّه يبتغي بذلك وجه اللَّه تعالى> فقال: اللَّه ورسوله أعلم أما نحن فوالله لا نرى وده ولا حديثه إلا إلى المنافقين! فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <فإن اللَّه قد حرم على النار من قال لا إله إلا اللَّه يبتغي بذلك وجه اللَّه> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

و <عتبان> بكسر العين المهملة وإسكان التاء المثناة فوق وبعدها باء موحدة

و <الخزيرة> بالخاء المعجمة، والزاي: هي دقيق يطبخ بشحم.

وقوله: <ثاب رجال> : بالثاء المثلثة أي جاءوا واجتمعوا.

418 - وعن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: قدم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بسبي فإذا امرأة من السبي تسعى إذا وجدت صبياً في السبي أخذته فألزقته ببطنها فأرضعته. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟> قلنا: لا والله. فقال: <لله أرحم بعباده من هذه بولدها> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

419 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <لما خلق اللَّه الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي، وفي رواية: غلبت غضبي، وفي رواية: سبقت غضبي> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

420 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: <جعل اللَّه الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه> وفي رواية: <إن لله تعالى مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخر اللَّه تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

ورواه مسلم أيضاً من رواية سلمان الفارسي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <إن لله تعالى مائة رحمة، فمنها رحمة يتراحم بها الخلق بينهم، وتسع وتسعون ليوم القيامة>

وفي رواية <إن اللَّه تعالى خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة كل رحمة طباق ما بين السماء إلى الأرض فجعل منها في الأرض رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة> .

421 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فيما يحكي عن ربه تعالى قال: <أذنب عبد ذنباً فقال: اللهم اغفر لي ذنبي. فقال اللَّه تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وقوله تعالى: <فليفعل ما شاء> : أي ما دام يفعل هكذا يذنب ويتوب أغفر له فإن التوبة تهدم ما قبلها.

422 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب اللَّه بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون اللَّه تعالى فيغفر لهم> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

423 - وعن أبي أيوب خالد بن يزيد، رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: <لولا أنكم تذنبون لخلق اللَّه خلقاً يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

424 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: كنا قعوداً مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم معنا أبو بكر وعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما في نفر فقام رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم من بين أظهرنا فأبطأ علينا، وخشينا أن يقتطع دوننا ففزعنا فقمنا، فكنت أول من فزع فخرجت أبتغي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم حتى أتيت حائطاً للأنصار - وذكر الحديث بطوله إلى قوله فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <اذهب فمن لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا اللَّه مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

425 - وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهماُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم تلا قول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: {رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني} الآية (إبراهيم 36) ، وقال عيسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} (المائدة 118) فرفع يديه وقال: <اللهم أمتي أمتي> وبكى. فقال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: <يا جبريل اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فسله ما يبكيه؟> فأتاه جبريل فأخبره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بما قال وهو أعلم. فقال اللَّه تعالى: <يا جبريل اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

426 - وعن معاذ بن جبل رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: كنت ردف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم على حمار فقال: <يا معاذ هل تدري ما حق اللَّه على عباده وما حق العباد على اللَّه؟> قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قال: <فإن حق اللَّه على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على اللَّه أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً> فقلت: يا رَسُول اللَّهِ أفلا أبشر الناس؟ قال: <لا تبشرهم فيتكلوا> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

427 - وعن البراء بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: <المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمداً رَسُول اللَّهِ فذلك قوله تعالى: {يثبت اللَّه الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة}[إبراهيم: 27]. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

428 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: <إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة من الدنيا. وأما المؤمن فإن اللَّه تعالى يدخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقاً في الدنيا على طاعته> وفي رواية: <إن اللَّه لا يظلم مؤمناً حسنة؛ يعطى بها في الدنيا، ويجزي بها في الآخرة. وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل لله تعالى في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

429 - وعن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

<الغمر> : الكثير.

430 - وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: <ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم اللَّه فيه> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

431 - وعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: كنا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم في قبة نحواً من أربعين فقال: <أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟> قلنا: نعم. قال: <أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟> قلنا: نعم. قال: <والذي نفس محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة. وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

432 - وعن أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <إذا كان يوم القيامة دفع اللَّه إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً فيقول: هذا فكاكك من النار>

وفي رواية عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: <يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال يغفرها اللَّه لهم> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

قوله <دفع اللَّه إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً فيقول: هذا فكاكك من النار> معناه ما جاء في حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: <لكل أحد منزل في الجنة ومنزل في النار. فالمؤمن إذا دخل الجنة خلفه الكافر في النار لأنه مستحق لذلك بكفره>

ومعنى <فكاكك> : أنك كنت معرضاً لدخول النار هذا فكاكك؛ لأن اللَّه تعالى قدر للنار عدداً يملؤها فإذا دخلها الكفار بذنوبهم وكفرهم صاروا في معنى الفكاك للمسلمين، والله أعلم.

433 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: <يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقرره بذنوبه فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: رب أعرف. قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم. فيعطى صحيفة حسناته> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

<كنفه> : ستره ورحمته.

434 - وعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ

عَلَيهِ وَسَلَّم فأخبره فأنزل اللَّه تعالى (هود 114): {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} فقال الرجل: ألي هذا يا رَسُول اللَّهِ؟ قال: <لجميع أمتي كلهم> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

435 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقال: يا رَسُول اللَّهِ أصبت حداً فأقمه علي. وحضرت الصلاة فصلى مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، فلما قضى الصلاة قال: يا رَسُول اللَّهِ إني أصبت حداً فأقم في كتاب اللَّه. قال: <هل حضرت معنا الصلاة؟> قال: نعم. قال: <قد غفر لك> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وقوله <أصبت حداً> معناه: معصية توجب التعزير، وليس المراد الحد الشرعي الحقيقي كحد الزنا والخمر وغيرهما فإن هذه الحدود لا تسقط بالصلاة، ولا يجوز للإمام تركها.

436 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: <إن اللَّه ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

<الأكلة> : بفتح الهمزة وهي المرة الواحدة من الأكل كالغدوة والعشوة، والله أعلم.

437 - وعن أبي موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: <إن اللَّه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

438 - وعن أبي نجيح عمرو بن عبسة - بفتح العين والباء - السلمي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخباراً، فقعدت على راحلتي فقدمت عليه، فإذا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم مستخفياً، جرآء عليه قومه، فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة فقلت له: ما أنت؟ قال: <أنا نبي> فقلت: وما نبي؟ قال: <أرسلني اللَّه> فقلت: بأي شيء أرسلك؟ قال: <أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان وأن يوحد اللَّه لا يشرك به شيء> قلت: فمن معك على هذا؟ قال: <حر وعبد> ومعه يومئذ أبو بكر وبلال رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما فقلت: إني متبعك. قال: <إنك لن تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني> قال: فذهبت إلى أهلي وقدم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم المدينة وكنت في أهلي فجعلت أتخبر الأخبار وأسأل الناس حين قدم المدينة حتى قدم نفر من أهل المدينة فقلت: ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة؟ فقالوا: الناس إليه سِرَاعٌ، وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك. فقدمت المدينة فدخلت عليه فقلت: يا رَسُول اللَّهِ أتعرفني؟ قال: <نعم أنت الذي لقيتني بمكة> قال فقلت: يا رَسُول اللَّهِ أخبرني عما علمك اللَّه وأجهله، أخبرني عن الصلاة؟

قال: <صل صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع؛ فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح ثم اقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تُسْجَرُ جهنم، فإذا أقبل الفيء فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر ثم اقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس؛ فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار> قال فقلت: يا نبي اللَّه فالوضوء حدثني عنه؟ فقال: <ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره اللَّه إلا خرت خطايا يديه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام فصلى فحمد اللَّه وأثنى عليه ومجده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه لله تعالى إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه>

فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقال له أبو أمامة: يا عمرو بن عبسة انظر ما تقول في مقام واحد يعطى هذا الرجل؟ فقال عمرو: يا أبا أمامة لقد كبرت سني ورق عظمي واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على اللَّه تعالى ولا على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، لو لم أسمعه من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثاً (حتى عد سبع مرات) ما حدثت به أبداً، ولكني سمعته أكثر من ذلك. رَوَاهُ مُسلِمٌ.

قوله <جرآء عليه قومه> : هو بجيم مضمومة وبالمد على وزن علماء، أي جاسرون مستطيلون غير هائبين. هذه الرواية المشهورة ورواه الحميدي وغيره <حِراء عليه> بكسر الحاء المهملة، وقال: معناه: غضاب ذوو غم وهم قد عيل صبرهم به حتى أثر في أجسامهم؛ من قولهم: حرى جسمه يحرى إذا نقص من ألم أو غم ونحوه. والصحيح أنه بالجيم.

قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم < بين قرني شيطان> : أي ناحيتي رأسه. والمراد التمثيل. معناه: أنه حينئذ يتحرك الشيطان وشيعته ويتسلطون.

وقوله: <يقرب وضوءه> معناه: يحضر الماء الذي يتوضأ به.

وقوله <إلا خرت خطايا> هو بالخاء المعجمة: أي سقطت. ورواه بعضهم <جرت> بالجيم. والصحيح بالخاء. وهو رواية الجمهور.

وقوله <فينتثر> : أي يستخرج ما في أنفه من أذى. والنثرة: طرف الأنف.

439 - وعن أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: <إذا أراد اللَّه رحمة أمة قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطاً وسلفاً بين يديها، وإذا أراد هلكة أمة عذبها ونبيها حي فأهلكها وهو ينظر فأقر عينه بهلاكها حين كذبوه وعصوا أمره> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

*2* 52 - باب فضل الرجاء

@قال اللَّه تعالى إخباراً عن العبد الصالح (غافر 44، 45): {وأفوض أمري إلى اللَّه إن اللَّه بصير بالعباد، فوقاه اللَّه سيئات ما مكروا}.

440 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أنه قال: <قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني، والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة، ومن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلى ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإذا أقبل إلي يمشي أقبلت إليه أهرول> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وهذا لفظ إحدى روايات مسلم.

وتقدم شرحه في الباب قبله (انظر الحديث رقم 412) . وروي في الصحيحين: <وأنا معه حين يذكرني> بالنون وفي هذه الرواية <حيث> بالثاء وكلاهما صحيح.

441 - وعن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قبل موته بثلاثة أيام يقول: <لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عَزَّ وَجَلَّ> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

442 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: <قال اللَّه تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة> رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

<عنان السماء> بفتح العين قيل هو: ما عن لك منها: أي ظهر إذا رفعت رأسك. وقيل هو: السحاب.

و <قراب الأرض> بضم القاف، وقيل بكسرها، والضم أصح وأشهر هو: ما يقارب ملأها، والله أعلم.

*2* 53 - باب الجمع بين الخوف والرجاء

@اعلم أن المختار للعبد في حال صحته أن يكون خائفاً راجياً، ويكون خوفه ورجاؤه سواء، وفي حال المرض يُمَحِّضُ الرجاء. وقواعد الشرع من نصوص الكتاب والسنة وغير ذلك متظاهرة على ذلك.

@قال اللَّه تعالى (الأعراف 99): {فلا يأمن مكر اللَّه إلا القوم الخاسرون}.

وقال تعالى (يوسف 87): {إنه لا ييأس من روح اللَّه إلا القوم الكافرون}.

وقال تعالى (آل عمران 106): {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه}.

وقال تعالى (الأعراف 167): {إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم}.

وقال تعالى (الانفطار 13، 14): {إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم}.

وقال تعالى (القارعة 6 - 9): {فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية، وأما من خفت موازينه فأمه هاوية}. والآيات في هذا المعنى كثيرة. فيجتمع الخوف والرجاء في آيتين مقترنتين أو آيات أو آية.

443 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: <لو يعلم المؤمن ما عند اللَّه من العقوبة ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند اللَّه من الرحمة ما قنط من جنته أحد> رَوَاهُ مُسلِمٌ.

444 - وعن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: <إذا وضعت الجنازة واحتملها الناس أو الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدموني قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها! أين تذهبون بها؟ يسمع صو

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بحب مصر
عضو نشيط
عضو نشيط
avatar

مصر
انثى
تاريخ التسجيل : 30/06/2011
عدد المساهمات : 74
نقاط : 79
الابراج : العذراء
العمر : 39
رسالة sms : النص
دعاء  : كتاب رياض الصالحين  189356125
كتاب رياض الصالحين  IKmsQ6 اوسمتي : كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام

كتاب رياض الصالحين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب رياض الصالحين    كتاب رياض الصالحين  Alarm10السبت 02 يوليو 2011, 5:44 pm

كتاب رياض الصالحين

كتاب رياض الصالحين  Domain-ad52cec356
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو قمر
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات
أبو قمر

مصر
ذكر
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
عدد المساهمات : 102
نقاط : 173
الابراج : السرطان
المزاج : إن مع العسر يسرا
العمر : 52
تعاليق : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
رسالة sms : النص
الموقع : http://aldiaa4u.forumegypt.net/forum
دعاء  : كتاب رياض الصالحين  189356125
كتاب رياض الصالحين  IKmsQ6 اوسمتي : كتاب رياض الصالحين  MAll6كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسامكتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام كتاب رياض الصالحين  رابط صورة الوسام

كتاب رياض الصالحين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب رياض الصالحين    كتاب رياض الصالحين  Alarm10الثلاثاء 12 يوليو 2011, 8:04 pm

كتاب رياض الصالحين

أختى بحب مصر

جزاك الله خيرا

باب فضل البكاء وفضل الزهد في الدنيا وفضل الجوع وخشونة العيش



*2* 54 - باب فضل البكاء من خشية اللَّه تعالى وشوقاً إليه

@قال اللَّه تعالى (الإسراء 109): {ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً}.

وقال تعالى (النجم 59، 60): {أفمن هذا الحديث تعجبون، وتضحكون ولا تبكون!}.

446 - وعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال لي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: قلت: يا رَسُول اللَّهِ أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} (النساء 41) قال: فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

447 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: خطب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم خطبة ما سمعت مثلها قط! فقال: قال: فغطى أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وجوههم ولهم خنين> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وسبق بيانه في باب الخوف (انظر الحديث رقم 400) .

448 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.

449 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

450 - وعن عبد اللَّه بن الشخير رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: أتيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء. حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي في الشمائل بإسناد صحيح.

451 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم لأبي بن كعب رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

470 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: رَوَاهُ مُسلِمٌ.

471 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما قال أخذ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بمنكبي فقال:

وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

قالوا في شرح هذا الحديث معناه: لا تركن إلى الدنيا، ولا تتخذها وطناً، ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها، ولا بالاعتناء بها، ولا تتعلق منها بما يتعلق به الغريب في غير وطنه، ولا تشتغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله، وبالله التوفيق.

472 - وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقال: يا رَسُول اللَّهِ دلني على عمل إذا عملته احبني اللَّه وأحبني الناس. فقال: حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة.

473 - وعن النعمان بن بشير رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما قال: ذكر عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ ما أصاب الناس من الدنيا فقال: لقد رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يظل اليوم يلتوي، ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه. رَوَاهُ مُسلِمٌ.

بفتح الدال المهملة والقاف: رديء التمر.

474 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: توفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وما في بيتي شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي فأكلت منه حتى طال علي فكلته ففني. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

قولها : أي شيء من شعير. كذا فسره الترمذي.

475 - وعن عمرو بن الحارث أخي جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رَضِيَ اللَّهُ عَنها قال: ما ترك رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عند موته ديناراً، ولا درهماً ولا عبداً ولا أمة ولا شيئاً، إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها، وسلاحه، وأرضاً جعلها لابن السبيل صدقة. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

476 - وعن خباب بن الأرت رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: هاجرنا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم نلتمس وجه اللَّه تعالى فوقع أجرنا على اللَّه؛ فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئاً؛ منهم مصعب ابن عمير رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قتل يوم أحد وترك نمرة، فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطينا بها رجليه بدا رأسه؛ فأمرنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أن نغطي رأسه ونجعل على رجليه شيئاً من الإذخر، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

كساء ملون من صوف.

وقوله : أي نضجت وأدركت.

وقوله هو بفتح الياء وضم الدال وكسرها لغتان: أي يقطفها ويجتنيها. وهذه استعارة لما فتح عليهم من الدنيا وتمكنوا فيها.

477 - وعن سهل بن سعد الساعدي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وقال حديث حسن صحيح.

478 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

479 - وعن عبد اللَّه بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

480 - وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: مر علينا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ونحن نعالج خصاً لنا فقال: فقلنا: قد وهي فنحن نصلحه. فقال: رواه أبو داود والترمذي بإسناد البخاري ومسلم وقال الترمذي حديث حسن صحيح.

481 - وعن كعب بن عياض رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.

482 - وعن أبي عمرو، ويقال أبو عبد اللَّه، ويقال أبو ليلى عثمان بن عفان رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وقال حديث صحيح.

قال الترمذي: سمعت أبا داود سليمان بن أسلم البلخي يقول: سمعت النضر بن شميل يقول: الجلف: الخبز ليس معه إدام. وقال غيره: هو غليظ الخبز. وقال الهروي المراد به هنا: وعاء الخبز كالجوالق والخرج، والله أعلم.

483 - وعن عبد اللَّه بن الشخير - بكسر الشين والخاء المشددة المعجمتين - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنه قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وهو يقرأ: {ألهاكم التكاثر} (التكاثر) قال: رَوَاهُ مُسلِمٌ.

484 - وعن عبد اللَّه بن مغفل رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رجل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: يا رَسُول اللَّهِ والله إني لأحبك. فقال: قال: والله إني لأحبك (ثلاث مرات) فقال: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

بكسر التاء المثناة فوق وإسكان الجيم وبالفاء المكررة هو: شيء يلبسه الفرس ليتقى به الأذى، وقد يلبسه الإنسان.

485 - وعن كعب بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.

486 - وعن عبد اللَّه بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال نام رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم على حصير فقام وقد أثر في جنبه. قلنا: يا رَسُول اللَّهِ لو اتخذنا لك وطاء. فقال: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.

487 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.

488 - وعن ابن عباس وعمران بن الحصين رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: مُتَّفَقٌ عَلَيهِ من رواية ابن عباس.

ورواه البخاري أيضاً من رواية عمران بن الحصين.

489 - وعن أسامة بن زيد رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

و : الحظ والغنى. وقد سبق بيان هذا الحديث في باب فضل الضعفة (انظر الحديث رقم 258) .

490 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

*2* 56 - باب فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار على القليل من المأكول والمشروب والملبوس وغيرها من حظوظ النفس وترك الشهوات

@قال اللَّه تعالى (مريم 59، 60): {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً، إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً، فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً}.

وقال تعالى (القصص 79، 80): {فخرج على قومه في زينته، قال الذين يريدون الحياة الدنيا: يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم. وقال الذين أوتوا العلم: ويلكم! ثواب اللَّه خير لمن آمن وعمل صالحاً}.

وقال تعالى (التكاثر 8): {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم}.

وقال تعالى (الإسراء 18): {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد، ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً}. والآيات في الباب كثيرة معلومة.

491 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: ما شبع آل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وفي رواية: ما شبع آل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال تباعاً حتى قبض.

492 - وعن عروة عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها أنها كانت تقول: والله يا ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال: ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم نار. قلت: يا خالة فما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم جيران من الأنصار وكانت لهم منائح وكانوا يرسلون إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم من ألبانها فيسقينا. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

493 - وعن سعيد المقبري عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنه مر بقوم بين أيديهم شاة مصلية فدعوه فأبى أن يأكل وقال: خرج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

بفتح الميم: أي مشوية.

494 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: لم يأكل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم على خوان حتى مات، وما أكل خبزاً مرققاً حتى مات. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

وفي رواية له: ولا رأى شاة سميطاً بعينه قط.

495 - وعن النعمان بن بشير رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما قال: لقد رأيت نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه. رَوَاهُ مُسلِمٌ.

: تمر رديء.

496 - وعن سهل بن سعد رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: ما رأى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم النقي من حين ابتعثه اللَّه تعالى حتى قبضه اللَّه. فقيل له: هل كان لكم في عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم مناخل؟ قال: ما رأى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم منخلاً من حين ابتعثه اللَّه تعالى حتى قبضه اللَّه تعالى. فقيل له: كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ قال: كنا نطحنه وننفخه فيطير ما طار وما بقي ثَرَّيْنَاه. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

قوله: : هو بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء وهو الخبز الحواري، وهو الدرمك.

قوله < ثَرَّيْنَاه> هو بثاء مثلثة، ثم راء مشددة، ثم ياء مثناة من تحت ثم نون، أي: بللناه وعجناه.

497 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: خرج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ذات يوم أو ليلة فإذا بأبي بكر وعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما فقال: قالا: الجوع يا رَسُول اللَّهِ. قال: فقاما معه، فأتى رجلاً من الأنصار فإذا هو ليس في بيته. فلما رأته المرأة قالت: مرحباً وأهلاً. فقال لها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: قالت: ذهب يستعذب لنا الماء. إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وصاحبيه ثم قال: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافاً مني. فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب فقال: كلوا. وأخذ المدية فقال له رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا. فلما أن شبعوا ورووا قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم لأبي بكر وعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما: رَوَاهُ مُسلِمٌ.

قولها : أي يطلب الماء العذب وهو الطيب.

و بكسر العين وإسكان الذال المعجمة: هو الكباسة، وهي الغصن.

و بضم الميم وكسرها هي: السكين.

و : ذات اللبن.

والسؤال عن هذا النعيم سؤال تعديد النعم لا سؤال توبيخ وتعذيب، والله أعلم.

وهذا الأنصاري الذي أتوه هو: أبو الهيثم بن التيهان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، كذا جاء مبيناً في رواية الترمذي وغيره.

498 - وعن خالد بن عمير العدوي قال خطبنا عتبة بن غَزْوان، وكان أميراً على البصرة، فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن الدنيا قد آذنت بصرم، وولت حذاء، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابُّها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاماً لا يدرك لها قعراً، والله لتملأن، أفعجبتم! ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاماً، وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام، ولقد رأيتني سابع سبعة مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا، فالتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك فاتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها، فما أصبح اليوم منا أحد إلا أصبح أميراً على مصر من الأمصار، وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيماً وعند اللَّه صغيراً. رَوَاهُ مُسلِمٌ.

قوله هو بمد الألف: أي أعلمت.

وقوله هو بضم الصاد: أي بانقطاعها وفنائها.

هو بحاء مهملة مفتوحة ثم ذال معجمة مشددة ثم ألف ممدودة: أي سريعة.

و يضم الصاد المهملة: وهي البقية اليسيرة.

وقوله هو بتشديد الباء قبل الهاء: أي يجمعها.

و : الكثير الممتلئ.

وقوله هو بفتح القاف وكسر الراء: أي صار فيها قروح.

499 - وعن أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: أخرجت لنا عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها كساء وإزاراً غليظاً قالت: قبض رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم في هذين. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

500 - وعن سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل اللَّه، ولقد كنا نغزو مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ما لنا طعام إلا ورق الحبلة وهذا السمر، حتى إن كان أحدنا ليضع كما تضع الشاة ما له خلط. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

بضم الحاء المهملة وإسكان الباء الموحدة: وهي والسمر نوعان معروفان من شجر البادية.

501 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

قال أهل اللغة والغريب معنى : أي ما يسد الرمق.

502 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع. ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه فمر بي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فتبسم حين رآني وعرف ما في وجهي وما في نفسي، ثم قال: قلت: لبيك يا رَسُول اللَّهِ. قال: ومضى فاتبعته، فدخل فاستأذن فأذن لي. فدخلت فوجد لبناً في قدح فقال: قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة. قال: قلت: لبيك يا رَسُول اللَّهِ. قال: قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئاً، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها. فساءني ذلك فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة! كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربةً أتقوى بها، فإذا جاءوا أمرني فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم يكن من طاعة اللَّه وطاعة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بد، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت. قال: قلت: لبيك يا رَسُول اللَّهِ. قال: قال: فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح، فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم فقال: قلت: لبيك يا رَسُول اللَّهِ. قال: قلت: صدقت يا رَسُول اللَّهِ. قال: فقعدت فشربت. فقال: فشربت. فما زال يقول: حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً. قال: فأعطيته القدح فحمد اللَّه تعالى وسمى وشرب الفضلة. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

503 - وعن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم إلى حجرة عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها مغشياً علي فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي ويرى أني مجنون وما بي من جنون، ما بي إلا الجوع. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

504 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: توفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

505 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: رهن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم درعه بشعير، ومشيت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بخبز شعير وإهالة سنخة. ولقد سمعته يقول: وإنهم لتسعة أبيات. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

بكسر الهمزة: الشحم الذائب.

و بالنون والخاء المعجمة وهي: المتغيرة.

506 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: لقد رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم رجل عليه رداء. إما إزار وإما كساء قد ربطوا في أعناقهم منها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

507 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: كان فراش رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم من أدم حشوه ليف. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

508 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: كنا جلوساً مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم إذ جاء رجل من الأنصار فسلم عليه ثم أدبر الأنصاري. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: فقال: صالح. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: فقام وقمنا معه ونحن بضعة عشر ما علينا نعال ولا خفاف ولا قلانس ولا قمص نمشي في تلك السباخ حتى جئناه، فاستأخر قومه من حوله حتى دنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وأصحابه الذين معه. رَوَاهُ مُسلِمٌ.

509 - وعن عمران بن الحصين رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أنه قال: قال عمران: فما أدري قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم مرتين أو ثلاثاً مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

510 - وعن أبي أمامة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.

511 - وعن عبيد اللَّه بن محصن الأنصاري الخطمي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

بكسر السين المهملة: أي نفسه. وقيل: قومه.

512 - وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: رَوَاهُ مُسلِمٌ.

513 - وعن أبي محمد فضالة بن عبيد الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنه سمع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.

514 - وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنهماُ قال: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يبيت الليالي المتتابعة طاوياً، وأهله لا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزهم خبر الشعير. رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.

515 - وعن فضالة بن عبيد رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم كان إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة وهم أصحاب الصفة حتى يقول الأعراب هؤلاء مجانين. فإذا صلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم انصرف إليهم فقال: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وقال حديث صحيح.

: الفاقة والجوع الشديد.

516 - وعن أبي كريمة المقداد بن معد يكرب رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

: أي لقم.

517 - وعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال ذكر أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يوماً عنده الدنيا فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: يعني: التقحل. رواه أبو داود.

بالباء الموحدة والذالين المعجمتين وهي: رثاثة الهيئة وترك فاخر اللباس.

وأما فبالقاف والحاء قال أهل اللغة: المتقحل هو: الرجل اليابس الجلد من خشونة العيش وترك الترفه.

518 - وعن أبي عبد اللَّه جابر بن عبد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما قال: بعثنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وأَمَّرَ علينا أبا عبيدة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ نتلقى عيراً لقريش، وزَوَّدَنَا جراباً من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة. فقيل: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليهم من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبله بالماء فنأكله، وانطلقنا على ساحل البحر فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم فأتيناه فإذا هي دابة تدعى العنبر، فقال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا بل نحن رُسُلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وفي سبيل اللَّه وقد اضطررتم فكلوا. فأقمنا عليه شهراً ونحن ثلاثمائة حتى سَمِنّا، ولقد رأيتنا نغترف من وَقْبِ عَيْنِهِ بالقِلالِ الدُّهْنَ، ونقطع منه الفِدَرَ كالثور أو كَقَدْرِ الثور، ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلاً فأقعدهم في وَقْبِ عينه، وأخذ ضلعاً من أضلاعه فأقامها ثم رحل أعظم بعير معنا فمر من تحتها، وتزودنا من لحمه وَشَائِقَ. فلما قدمنا المدينة أتينا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فذكرنا ذلك له، فقال: فأرسلنا إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم منه فأكله. رَوَاهُ مُسلِمٌ.

: وعاء من جلد معروف، وهو بكسر الجيم وفتحها والكسر أفصح.

قوله بفتح الميم و : ورق شجر معروف تأكله الإبل.

و : التل من الرمل.

و بفتح الواو وإسكان القاف وبعدها باء موحدة وهو: نقرة العين.

و : الجرار.

و بكسر الفاء وفتح الدال: القطع.

بتخفيف الحاء: أي جعل عليه الرحل.

بالشين المعجمة والقاف: اللحم الذي قطع ليقدد منه، والله أعلم.

519 - وعن أسماء بنت يزيد رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: كان كم قميص رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم إلى الرُّصْغِ. رواه أبو داود والترمذي وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

بالصاد والرسغ بالسين أيضاً هو: المفصل بين الكف والساعد.

520 - وعن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق. فقال: ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقاً، فأخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم المعول فضرب فعاد كثيباً أهيل أو أهيم. فقلت: يا رَسُول اللَّهِ ائذن لي إلى البيت. فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم شيئاً ما في ذلك صبر فعندك شيء؟ فقالت: عندي شعير وعناق. فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة، ثم جئت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت فقلت: طُعَيْمٌ لي فقم أنت يا رَسُول اللَّهِ ورجل أو رجلان. قال: فذكرت له فقال: فقال: فقام المهاجرون والأنصار فدخلت عليها فقلت: ويحك! جاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم والمهاجرون والأنصار ومن معهم. قالت: هل سألك؟ قلت: نعم. قال: فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع، فلم يزل يكسر ويغرف حتى شبعوا وبقي منه. فقال: . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وفي رواية قال جابر: لما حفر الخندق رأيت بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم خمصاً فانكفأت إلى امرأتي فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم خمصاً شديداً. فأخرجت إلي جراباً فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة داجن فذبحتها، وطحنت ففرغت إلى فراغي وقطعتها في برمتها، ثم وليت إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، فقالت: لا تفضحني برَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ومن معه. فجئته فساررته فقلت: يا رَسُول اللَّهِ ذبحنا بهيمة لنا، وطحنت صاعاً من شعير فتعال أنت ونفر معك. فصاح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقال: فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: فجئت وجاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقدم الناس حتى جئت امرأتي، فقالت: بك وبك! فقلت: قد فعلت الذي قلت. فأخرجت عجيننا فبسق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق فيه وبارك ثم قال: وهم ألف، فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا وإن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو.

قوله هي: قطعة غليظة صلبة من الأرض لا تعمل فيها الفأس.

و أصله تل الرمل. والمراد هنا: صارت تراباً ناعماً، وهو معنى

و الأحجار التي يكون عليها القدر.

و : تزاحموا.

و : الجوع وهو بفتح الميم.

و بفتح الخاء والميم: الجوع .

و : انقلبت ورجعت.

و بضم الباء تصغير بهمة وهي: العناق بفتح - العين - .

و هي: التي ألفت البيت.

و الطعام الذي يدعى الناس إليه، وهو بالفارسية.

و : أي تعالوا.

وقولها : أي خاصمته وسبته لأنها اعتقدت أن الذي عندها لا يكفيهم فاستحيت وخفي عليها ما أكرم اللَّه سبحانه وتعالى به نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم من هذه المعجزة الظاهرة، والآية الباهرة.

: أي بصق. ويقال أيضاً: بزق: ثلاث لغات.

و بفتح الميم: أي قصد.

و : أي اغرفي. والمقدحة: المغرفة.

و : أي لغليانها صوت، والله أعلم.

520 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال أبو طلحة لأم سليم: قد سمعت صوت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ضعيفاً أعرف فيه الجوع فهل عندك من شيء؟ فقالت: نعم. فأخرجت أقراصاً من شعير ثم أخذت خماراً لها فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت ثوبي وردتني ببعضه، ثم أرسلتني إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فذهبت به فوجدت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم جالساً في المسجد ومعه الناس فقمت عليهم. فقال لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: فقلت: نعم. فقال: فقلت: نعم. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: فانطلقوا وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته. فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بالناس وليس عندنا ما نطعمهم. فقالت: اللَّه ورسوله أعلم. فانطلق أبو طلحة حتى لقي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فأقبل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم معه حتى دخلا، فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: فأتت بذلك الخبز فأمر به رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ففت، وعصرت عليه أم سليم عكة فآدمته ثم قال فيه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ما شاء اللَّه أن يقول ثم قال: فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا. ثم قال: فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم حتى أكل القوم كلهم وشبعوا والقوم سبعون رجلاً أو ثمانون. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وفي رواية: فما زال يدخل عشرة ويخرج عشرة حتى لم يبق منهم أحد إلا دخل فأكل حتى شبع، ثم هيأها فإذا هي مثلها حين أكلوا منها.

وفي رواية: فأكلوا عشرة عشرة حتى فعل ذلك بثمانين رجلاً، ثم أكل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بعد ذلك وأهل البيت وتركوا سوراً.

وفي رواية: ثم أفضلوا ما بلغوا جيرانهم.

وفي رواية عن أنس قال: جئت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يوماً فوجدته جالساً مع أصحابه وقد عصب بطنه بعصابة، فقلت لبعض أصحابه: لم عصب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بطنه؟ فقالوا: من الجوع. فذهبت إلى أبي طلحة، وهو زوج أم سليم بنت ملحان فقلت: يا أبتاه قد رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عصب بطنه بعصابة فسألت بعض أصحابه فقالوا من الجوع. فدخل أبو طلحة على أمي فقال: هل من شيء؟ فقالت: نعم عندي كسر من خبز وتمرات فإن جاءنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وحده أشبعناه، وإن جاء آخر معه قل عنهم. وذكر تمام الحديث.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

كتاب رياض الصالحين

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
َ

 مواضيع مماثلة

-
» متاهة من ربع مليون كتاب
» الحياة كتاب مفتوح
» كتاب تفسير ابن كثير
» ما هو اكثر كتاب مبيعا في التاريخ
» كيف تقوي ذاكرتك (كتاب إليكتروني).

خدمات الموضوع
 KonuEtiketleri كلمات دليليه
كتاب رياض الصالحين , كتاب رياض الصالحين , كتاب رياض الصالحين ,كتاب رياض الصالحين ,كتاب رياض الصالحين , كتاب رياض الصالحين
 KonuLinki رابط الموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode
إذا وجدت وصلات لاتعمل في الموضوع او أن الموضوع [ كتاب رياض الصالحين ] مخالف ,, من فضلك راسل الإدارة من هنا
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات طعم البيوت :: القسم الاسلامي :: السير والتراجم-