Dalal صاحبة المنتدى
تاريخ التسجيل : 08/01/2011 عدد المساهمات : 10987 نقاط : 24782 الابراج : المزاج : مهمومة ببلدي العمر : 68 تعاليق : ربّـــــي اغفر لـي ولوالـديّ
وارحمهما كمــا ربيـــــانـي
صـــغيرا واجزهمــــــــــــا
بالاحســان احســـــــــــــانا
وبالسيئات عفوا وغفـــرانا رسالة sms : الموقع : قلب أمي مصر دعاء : اوسمتي :
| موضوع: المستشرق البريطانى إدوارد ويليام لين ..رمضان (نفحة جود وعطر وليالى ذكر) السبت 28 يونيو 2014, 7:22 am | |
| المستشرق البريطانى إدوارد ويليام لين ..رمضان (نفحة جود وعطر وليالى ذكر)
صورتان مرسومتان لادوارد لين 06.28.2014 ما أن تمر سيرته فى بالنا يحيينا، فكيف لو زارنا وحيّانا!.. تهل علينا رائحة رمضان نفحات نورانية عذبة تطيب بها النفس والروح معا.. زاد من نور وايمان فى رحلتنا فرارا من خرائب الذاكرة وضيق الحياة.. يا من له خير ذكرى أيامك خير وبركة.. فيه تسجن الشياطين وبالهدى متنفس يشعل النار فى كهوف الروح المنطفئة.
لحنا روحانيا موطنه السماء.. طيف عابر يأتى حاملا معه عبق من التاريخ من الوطن من الموروث الثقافى الحضارى الجميل.. تتزين فى حضوره القاهرة بمآذنها الألف وقبابها المزخرفة وحواريها العتيقة.. تكتسى البيوت بالزينة الورقية والفوانيس والمصابيح الملونة.
تناوله العديد من الرحالة والمستشرقين فى كتاباتهم من فرط تأثرهم بلياليه الساهرة الساحرة.. واحد من أهم هؤلاء المستشرقين هو البريطانى (إدوارد ويليام لين) الذى لم يكتف بترجمة «إلف ليلة وليلة» إلى الانجليزية باعتبارها إحدى النفائس الشرقية التى يتطلع الغرب إلى أن يعرفها بل ﻨﺴﺞ رمضان فى ﺣﻨﺎﻳﺎ ﺭﻭحه، ومضى فى تسجيل ملاحظاته عنه فى كتاب «عادات المصريين المحدثين وعاداتهم».
بدءا من «ليلة الرؤية» التى تهفو فيها قلوب المصريين لتقر الأبصار برؤية هلال رمضان، رسم ادوارد لين بكلماته لوحة رائعة لهذه الليلة حيث يقضى نفر بضع ليال فى الصحراء لرؤية الهلال الجديد موضحا أنه تكفى شهادة المسلم الواحد أنه رأى الهلال لإعلان الصيام. وفى مساء ذلك اليوم يسير موكب المحتسب ومشايخ الحرف المتعددة: «الطحانين والخبازين والجزارين والقصابين وباعة الفاكهة وفرق من الموسيقيين وعدد من الفقراء وفرق من الجنود» يتقدمهم حاملو المشاعل لينيروا لهم الطريق من القلعة إلى مجلس القاضى وما أن يصل خبر رؤية الهلال يجول الموكب فى الأحياء المختلفة صائحين: «يا أمة خير الأنام.. صيام صيام».
وبمجرد أن يعلن عن بدء الصيام.. الأرض تعلن زينتها.. فتضاء المساجد هذه الليلة كما تضاء فى الليالى التالية.. وتعلق المصابيح عند مداخل المساجد وفوق شرفات المآذن. بينما يقضى الناس شطرا كبيرا من الليل فى الأكل والشرب والتدخين.
لم يغفل «لين» فى سرده لحكايات المحروسة احتواء البيوت له وهو الغريب.. وكيف أحاط به دفء الطيبين فى أم الدنيا مصر.
أنشودة فرح وسلام الأرض التى سكنها إدوارد لين صارت سفرا بين العباد والعادات يجرفه نهر الفضول إلى شوارع القاهرة فى نهار رمضان لتبدو - وفقا له- كئيبة فى الصباح.. معظم الحوانيت لا تفتح قبل صلاة العصر بينما يحمل كثير من المارة مسبحة فى أيديهم يقبل معظم التجار على تلاوة القرآن أو الأدعية، ومنهم من يقوم بتوزيع الخبز على الفقراء وإن كان الأغنياء ينام أكثرهم معظم النهار لكنهم يحرصون على إعداد موائد الإفطار للصائمين.
عادة تتكون هذه الموائد من الفاكهة المجففة (نقلا) مثل البندق والزبيب والجوز واللوز والبلح والتين المجفف ويوضع معها عدة «قلل» من الماء المحلى بالسكر.
نوع من أنواع السلام يغمرك حين يرفع أذان المغرب.. يدخل معه إلى الصدر اطمئنان تفتقده. وإذا بالصائم يتناول الشراب أولا ثم يقيم الصلاة.. وبعد ذلك يتناولون النقل ويدخن «البيبة».. وأخيرا يتناولون وجبة الفطور المؤلفة من اللحم وأطايب الطعام. لينطلق بعد ذلك إلى صلاة العشاء والتراويح.
فى المحروسة تظل الجوامع الكبيرة مفتوحة إلى السحور أو إلى الإمساك بينما تغلق المساجد الصغيرة بعد صلاة التراويح مباشرة.. يشير هنا المستشرق الإنجليزى إلى أنه جرت العادة بأن يقيم بعض علماء القاهرة ذكرا فى منازلهم كل ليلة من ليالى رمضان.
ينقلب الليل نهارا حيث تكثر المارة فى الشوارع.. وتظل دكاكين المشروبات والمأكولات مفتوحة حتى وقت السحور. فيما يقضى معظم المصريين أطيب الأوقات على المقاهي بصحبة الأصدقاء، يحتسون الشاى والقهوة ويستمعون إلى رواة السير والحكايات الشعبية، أو عزف الموسيقى من الموسيقيين الذين يترددون على المقاهى كل ليلة من ليالي رمضان.
ربما تتشابه هذه الصور مع الواقع الذى نعيشه بهذا العصر باستثناء أن الناس صارت تستمع إلى أداء المنشد أو القاص ولا تستمع لمعنى ما يقول.. وبالنهاية يهللون حتى وإن ضاعت عليهم المعانى والعبرة.
المسحراتى تتعدد مظاهر الفرح بهذا الشهر الكريم.. من بين ما استوقف إدوارد لين فى ليالى رمضان كان «المسحراتى» الذى يجول فى المدينة بطبلته فى ساعة متأخرة من الليل صاحبا معه غلاما يحمل قنديلين فى اطار من الجريد.. يتوقف «المسحراتى» عند أبواب بيوت المسلمين ويضرب على الطبلة منشدا: «عز من يقول لا إله إلا الله»، ثم يضرب على الطبلة بالنغمة نفسها ويقول: «محمد الهادى رسول الله». ويستمر فى الضرب على الطبلة مسميا صاحب المنزل، قائلا: «أسعد لياليك يا فلان».
وأحياناً ينشد من قصص المعجزات الدينية كقصة الإسراء والمعراج وعادة يلتزم الصمت عندما يمر ببيت فى حالة حزن لوفاة عزيز.
ومن طريف مارواه إدوارد لين أن نساء الطبقة المتوسطة فى العصر العباسى كن يضعن قطعة نقود معدنية داخل ورقة صغيرة ملفوفة ويشعلن النار بطرفها ثم يلقين بها من المشربية إلى المسحراتى حتى يرى مكانها وما ان يأخذها إلا ويرتفع صوته بالدعاء لأصحاب البيت ويقرأ الفاتحة وينشد لهن بعضاً من المدائح النبوية أو حكايات المعارك بين (الضرائر).. ولارتفاع صوته يصحو الجيران وأول سيدة تستيقظ تقوم بالنداء على جاراتها.
تتوالى الصور المضيئة كالـرؤى.. ويطـوى الفـؤاد سكينـة وسـلام.. يا فرحا بعد الغياب بعائد قادم مثل الهواء النقى من قمم الجبال مثقلا بذرات فرح وسلام وطمأنينة.. فى رياض الشهور هو أجمل الزهور.. فى الأفق هو نجم جديد أضاء.. أهلا رمضان.
|
|
|